من أطرف ما شهدته محافظة الدقهلية كان زفة المزمار التى استقبلت المحافظ د. كمال شاروبيم عند زيارته مستشفى دماص المركزى بميت غمر، وقد انزعج المحافظ بشدة من وجود تلك الفرقة وأمرها على الفور بالتوقف عن العزف، لأن راحة المرضى أهم من الاحتفاء به، وأن الاحتفاء الحقيقى يتمثل فى أن تكون خدمات المستشفى على مستوى متميز، والحقيقة أن هذا المشهد يمثل محاولة أخرى من مسئول كالمحافظ لإيقاف شلال النفاق والملق البيروقراطى الذى تعود مسئولو المحليات إغراق أى عمل وطنى أو تنفيذى فيه، إذ إن فرقة المزمار لم تأت قطعا من تلقاء نفسها، ولم يفتح أعضاؤها أعينهم فى الصباح على رغبة عارمة تعترى صدورهم للاحتفاء بالمحافظ، فيأخذ كل منهم مزماره أو طبلته ويهرع إلى الاحتفاء عند المستشفى، إنما استدعى المسئولون بالمحافظة أو بالمستشفى تلك الفرقة لتكون فى استقبال المحافظ، وربما حددوا لها الأغانى التى ستعزفها والتى يرونها ملائمة للحدث أو المناسبة التى اقتضت العزف، ولقد أربك المحافظ د. كمال شاروبيم بالقطع ذلك الاسترسال البيروقراطى المقرف الذى رأى التزلف للمسئول أهم من راحة المرضى فى المستشفى، كما أنه وضع حدا للوهم الذى انتشر لفترة طويلة فى وجدانات وعقول المواطنين، والذى يرى أن افتتاح مستشفى هو (عجبة) أو شىء نادر كبيضة الديك، بينما نحن نعيش الآن فى عصر يشهد افتتاحات يومية لعشرات المشاريع، الأمر الذى جعل منها روتينا تقليديا لا يحتاج إلى إطلاق الاحتفالات أو استقدام فرق المزمار للعزف فى استقبال المحافظ ودغدغة مشاعره إذا هم بافتتاح منشأة طبية مثل مستشفى دماص.. المحافظ تصرف على نحو صحيح وراق، وكل ما أتمناه أن يكون موقفه سائدا فى كل المحافظات، إذ إن فرق المزمار والفنون الشعبية لها أماكنها التى تعزف فيها مثل المسارح وقصور الثقافة، أما المستشفيات فهى دور لعلاج الناس وراحتهم والعناية بهم، الخبط والرقع يقض مضاجع المرضى ويقطع اندماج الأطباء والباحثين فى أداء أدوارهم.. نحن نحتاج إلى إعادة صياغة للعلاقة بين المسئول الأعلى فى الأقاليم ورهط حاملى المباخر الذى يريدون فرض أسلوب «العلاج بالموسيقى» على منشآتنا الطبية وهو ما فعله باحترام د. كمال شاروبيم. لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع