فوق ثرى أرض دولة الامارات الطيبة، وفى مدينة أبو ظبى عقد مؤتمر الأخوة الإنسانية، وكم كان متميزا وقد جمع بين قطبى أكبر ديانتين سماويتين، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، وكم كانت الكلمات التى قالها كلا منهما فى مناسبة إطلاق أهم وثيقة فى تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية بعنوان «الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمى والعيش المشترك» غاية فى السمو والرقى والبلاغة فى التعبير. ومن أبرز ما تضمنته الوثيقة هو ما جاء فى بدايتها على النحو الآتي: بسم الله الذى خلق البشر جميعا متساوين فى الحقوق والواجبات والكرامة، ودعاهم للعيش كأخوة فيما بينهم ليعمروا الأرض وينشروا فيها المحبة والخير والسلام، وبسم البشرية التى حرم الله إزهاقها، فمن اعتدى على نفس واحدة كأنه اعتدى على البشرية جميعها، ومن أحيا نفسا واحدة فكأنما أحيا الناس جميعا.. الخ. أما عن المشاعر بين القطبين الكبيرين، فليست فى حاجة الى الإفصاح عنها لكونها واضحة جلية مرئية، ويكفى القول على سبيل المثال بإن الإمام الأكبر بعد أن أقيمت له بالمطار مراسم الاستقبال فى بداية الزيارة، شوهد مشاركا هو وولى عهد الإمارات فى مراسم استقبال البابا الذى وصل بعده، واستقلا معا سيارة واحدة، بل وأقاما معا فى نزل ضيافة واحد، وليس هذا بالأمر المستغرب فقد سبق من قبل أن التقيا فى أربعة لقاءات اتسمت جميعها بعمق الصداقة والأخوة منذ أول لقاء بينهما فى مايو 2016، ولعلنا لو تذكرنا لقاءهما فى ابريل 2017 بالقاهرة، عندما حضر البابا للمشاركة فى مؤتمر الأزهر العالمى للسلام تحت عنوان لا للعنف باسم الدين، وكم كان تركيز وسائل الإعلام على ما دار بالمؤتمر واحتلت أنباؤه الصدارة خاصة صورة عناق البابا لشيخ الأزهر كدلالة على مدى قوة ومتانة العلاقة الأخوية التى تجمعهما، ومما لا شك فيه أن هذه المشاعر المتميزة المتنامية قد أثمرت الكثير هى والجهود العظيمة التى بذلتها الإمارات لتنظيم المؤتمر التاريخى ونجاحه، الذى شارك فيه عدد كبير من أبرز القيادات الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية من مختلف أنحاء العالم. وكم يتمنى المرء أن يستثمر هذا الجمع الغفير نتائج هذا المؤتمر بتفعيلها لتحقيق أهدافه، وحسنا فعل د. محمد الخرصاوى رئيس جامعة الأزهر الذى سرعان ما اتخذ قراره بعقد ندوات ثقافية للطلاب والطالبات لكليات الجامعة للتعريف بمضمون وثيقة الأخوة الانسانية وتوجيهه عمداء الكليات بإجراء اللقاءات المفتوحة خلال تلك الندوات، بما يسهم فى فهم قيم الوثيقة وأهدافها النبيلة، علاوة على إجراء مسابقة لاختيار أفضل البحوث حولها وتكريم الفائزين فيها، وليت الآخرين فى المدارس والمعاهد والجامعات يفعلون المثل، وأن تشارك أجهزة الإعلام وتواصل نشاطها فى هذا الصدد، وأخيرا وليت أيضا الخطاب الدينى فى دور المعابد الاسلامية والمسيحية يتطرق إلى ذلك المؤتمر، وأن يضع الجميع نصب أعينهم وفى أفئدتهم وبين طيات عقولهم حكمة أديبنا المصرى الكبير نجيب محفوظ آفة العرب النسيان!!. جلال إبراهيم عبدالهادى مصر الجديدة