احتفل العالم بعيد الحب، وسط أجواء صاخبة ومثيرة، يطغى عليها اللون الأحمر، كرمز ودلالة على هذا الشعور السحرى الغامض، الذى يفرض وجوده الحار والمشتعل، لأسباب خاصة قد لا يدركها المحبون أنفسهم. يبقى الحب ملاذا وحيدا وأخيرا، يلجأ إليه البشر حين يقررون أن يواصلوا الحياة، بصحبة شريك آخر حتى النهاية، حيث يعيد الحب صياغة وجودهما الإنساني، وفقا لمقتضى الأحوال، دون أنانية أو استلاب الآخر، بعد أن يسود يقينا، بأن حياة كل منهما، لا يمكن أن تكتمل إلا فى وجود الآخر. ربما تكون هذه رؤية «كلاسيكية» للحب، الذى كان يتعاطاه الناس، قبل ثورة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي، التى بالتأكيد تركت تأثيراتها على المشاعر والعلاقات الإنسانية، ومنها الحب الذى لم يعد تلك القصص الملتهبة، المتفجرة بالمشاعر والمواقف والتضحيات والاكتفاء بالقليل. هل فعلا أصاب الحب ما أصاب الحياة، فتغير وأصبح يخضع لقوانين السوق، بعد أن تم «تسليعه» وإخضاعه لشروط قاسية للاستمرار والبقاء، وهل ضربته «الرقمنة» فى مقتل، وفرضت عليه لغتها ومساحاتها، التى لا تعرف حدودا فى الزمان والمكان، فتبددت مشاعر الاشتياق وشغف اللقاء، وهمسات البوح وسرقة الأوقات، والرغبة فى الاقتراب والاكتشاف؟! هل فقد الحب أروع ما فيه وهى «الخصوصية»، بعد أن أصبحت قصصه التى تنتهى سريعا، مكشوفة وعارية وملقاة على الطرقات الافتراضية، يعبث بها المارة ويفرغونها من معانيها السامية؟!
فى الختام.. يقول نزار قباني: «وتضيق المسافة بين عينيك وبين دفاتري ويصبح الهواء الذى تتنفسينه يمر برئتى أنا»