الواقعة قد تبدو كوميدية للغاية بالرغم من أنها جريمة سرقة مال عام وقعت عمدا من موظفين بإحدى الهيئات العامة، حيث جرت أحداثها بالفعل فى مدينة السلام شرق محافظة القاهرة، أما سبب وصف الجريمة بالكوميدية، فلأن المسروق كان أوتوبيس نقل عام على الخطوط المعتادة التى تنقل ملايين المواطنين بين أحياء وميادين مدينة القاهرة الكبرى وبالتحديد هو أوتوبيس رقم «238» الذى يعمل على خط «السلام - جامع عمرو». أما مرتكبا هذه الجريمة، فليس سوى سائق الأوتوبيس والمحصل الخاص به «الكمسري» حيث قررا فجأة الاستيلاء على الأوتوبيس فور خروجهما به من أحد الجراجات التابعة لهيئة النقل العام، حيث لم يتوجها به إلى الموقف المحدد للعمل على خط الرحلة اليومية فى العمل، ولم يكملا رحلتهما فى نقل الركاب ولكنهما قررا تغيير مسار الأوتوبيس واتجها إلى منطقة نائية بمدينة السلام!. وفيما يبدو أن كلا من السائق «أ.م.س». والكمسرى «أ.م.م». قد شعرا بالورطة بعد إيقافهما الأوتوبيس فى المنطقة النائية وتأملا هذا الكائن المعدنى العملاق، فبالطبع لن يمكن لهما تغيير معالمه بسهوله ولن يتمكنا من بيعه للعمل فى المناطق الريفية البعيدة، كما يصعب إخفاء أوتوبيس بهذا الحجم فى مكان مناسب لفك أجزائه تمهيدا لبيعه كقطع غيار وحديد خردة!. وتبادل السائق مع زميله المحصل النظرات الحائرة، وفى النهاية لم يجدا بدا من أن يقررا ترك الأوتوبيس فى العراء ولم يتمكنا إلا من فك بطاريته الكهربائيتين، حيث إنهما فقط اللتان تصلحان للسرقة بشكل سهل وسريع من بين أجزاء الأوتوبيس وتوجها إلى أحد تجار الخردة وباعا البطاريتين له واقتسما المبلغ. كان السائق وزميله الكمسري، يفكران فى مصير الأوتوبيس وكيفية التصرف فى الورطة التى دفعتهما حماقتهما إليها، فقررا استكمال مشوار الرعونة وذهبا للإبلاغ عن سرقة الأوتوبيس، حيث اتفقا على اختراع قصة ساذجة عن أنهما تركا الأوتوبيس فى موقف منطقة إسبيكو وذهبا لقضاء الحاجة معا وعندما عادا لم يجدا الأوتوبيس فى مكانه!. وكان من اليسير أن يكتشف ضباط مباحث قسم أول السلام كذب الرواية، غير أنه كان لابد من تكثيف الجهود للعثور على الأوتوبيس، حيث بدأ البحث بالفعل فى دائرة الموقع الذى زعما سرقته منه، غير أن السائق والكمسرى أرادا إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإبعاد الشبهة عن نفسيهما بعد يقينهما بضرورة أن تتوصل المباحث إلى كشف فعلتهما الشنعاء وكذبتهما، فسرعان ما عادا زاعمين أنهما بحثا عن الأوتوبيس وعثرا عليه فى منطقة المحمودية القريبة من مكان الاختفاء المزعوم للأوتوبيس التابعة لدائرة القسم، بعدما أمر اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن بسرعة كشف حقيقة الواقعة. وبالفعل تم العثور على الأوتوبيس وتمت اكتشاف سرقة البطاريتين، غير أن تحريات مباحث القاهرة وقطاع الامن العام بإشراف اللواء محمود أبو عمرة مدير الإدارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الامن العام توصلت إلى أن السائق والمحصل قد باعا البطاريتين مقابل 900 جنيه وقد عثرت الشرطة عليهما عند تاجر خردة بمنطقة النهضة التابعة لقسم ثانى مدينة السلام. وقد تم ضبط اللصين من خلال فريق البحث الذى قاده اللواء محمود السبيلى مساعد مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الامن العام، حيث اعترفا أمام ضباط مباحث شرق القاهرة بتفاصيل ما حدث، وتم إخطار اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام وإحالتهما إلى النيابة العامة التى قررت حبسهما أربعة أيام على ذمة التحقيق.