مابين دعوات المباركة بالزواج و البقاء لله قد يمتد العمرويطول لسنوات وسنوات فى حياة مديدة تمتلئ بالقصص والحكايات والأمنيات لكن مع عروس الشرقية لم يستغرق الامر سوى ساعات معدودة لم تكن اسرتها قد فرغت بعد من تلقى عبارات التهانى حتى بدأت فى استقبال التعازى وكلمات الرثاء والمواساة فى فجيعه اهتزت لها القلوب. «نحن لله وإليه نمضى وإليه راجعون».. كانت تلك آخر كلمات العروس الشابة ابنة قرية العزيزية بمركز منيا القمح ذات الثلاثة والعشرين عاما التى دونتها على صفحتها قبل أن تقضى نحبها بعد ساعات من زفافها أثناء الاستحمام، حيث حلق طائر الموت على سماء قرية العزيزية وقرى منيا القمح مسقط رأس أسرتها وزوجها الذى لم يكد يهنأ بها وانفرطت عقود الفرحة بالابنة الشابة التى مضت الى قدرها. كانت «مروة» قرة عين والديها وأول فرحتهما، تملأ البيت سعادة وحياه فهى الطفلة الاولى أكبر أخواتها مصدر البهجة والصفاء لدنياهما عندما تضحك تضحك الدنيا وعندما تتحدث تفيض براءة وعذوبة يخفق لها قلبهما وتصفو بها روحهما وكلما كبرت كبرت معها احلامهما وآمالهما فى رؤيتها عروسا بالفستان الابيض ورغم ان والديها رزقا بطفلين آخرين بعدها، لكن بقيت ل «مروة» مكانتها الخاصة فى القلوب، حيث كانت دائما بشوشة الوجه مثالا طيبا للفتيات وكان لها من اسمها نصيب كبير وجمعت من الاخلاق الحسنة الكثير، ومرت الايام وكبرت الصغيرة وكبر معها الحلم حتى تحقق واكتمل وتخرجت «مروة» فى الجامعة، وتقدم لها الخطاب وحين دق الباب فارس الاحلام ولاقى القبول كان الاتفاق والارتباط ومضت ايام الخطوبة سريعا وانهمك الجميع فى الإعداد لعش الزوجية وحينما أتموا كل شيء بدأ الاستعداد للزفاف وملأت السعادة الغامرة أرجاء البيت والقرية بكاملها شاركتهم الحلم واصطف الجميع كبارا وصغارا مدعوين للعرس الكبير ليروا العروس بثوب الزفاف فى ليلة العمر وكانت ليلة جميلة زينتها بسمتها البريئة لتبدو فى موكبها بفستانها الملائكى مبتسمة تلوح للجميع وكأنها تودعهم وبعدما انتهى العرس اصطحبها الزوج الى منزلهما الجديد ببلدته وهناك تبادلا العهود والوعود، تعاهدا على كل شىء على المودة والاخلاص والوفاء،على البقاء سويا مهما حدث، والا يفرقهما شيء لكنهما نسيا شيئا واحدا وهو الموت. واحتفاء بالعروسين توجه الأهل والأقارب للتهنئة وامتلأ البيت الجديد بوفود المباركين والمهنئين حاملين معهم الهدايا وما ان بدأ المنزل يخلو حتى كان قد بلغ الإرهاق مداه، وتختنق العروس أثناء الاستحمام وتلفظ انفاسها وتتبدل الأفراح والزغاريد إلى بكاء وصراخ وكلمات التهنئة الى اللوعة والحسرة ويطوى جسدها الكفن بعد فستان الزفاف الابيض لتودع الى مستقرها الاخير، تاركة وراءها ذكرى وألم الفراق وقسوته على الاهل والعريس الذى يعيش مأساة بعد موت عروسه. وكان اللواء جرير مصطفى مساعد وزير الداخلية ومدير أمن الشرقية قد تلقى إخطارا من مستشفى منيا القمح المركزى بوصول شابة 23 عاما مصابة بغيبوبة تامة وهبوط حاد فى الدورتين التنفسية والدموية وأنها لفظت أنفاسها فور وصولها وتبين أن المجنى عليها من قرية العزيزية وأنها عروس لم يمض على زواجها سوى يومين فقط. وتم اخطار اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن بالحادث وتم العرض على النيابة التى تولت التحقيق وصرحت بالدفن لعدم وجود شبهه جنائية.