فى نهاية العام الماضي، أعلن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة، أن عام 2019 سيكون عام التسامح فى دولة الإمارات . وقال آنذاك إن ترسيخ التسامح هو امتداد لنهج زايد .. وهو قيمة أساسية فى بناء المجتمعات واستقرار الدول وسعادة الشعوب .. مضيفا أن أهم ما يمكن أن نغرسه فى شعبنا هو قيم وإرث زايد الإنسانى .. وتعميق مبدأ التسامح لدى أبنائنا. وقتها لم يدرك كثيرون كيف ستكون ملامح وفاعليات عام التسامح على أرض الامارات، الى أن استضافت العاصمة الاماراتية أبو ظبى، مؤتمر الأخوة الانسانية فى الفترة من 3 إلى 5 فبراير الجاري، وتزامن مع إقامة المؤتمر زيارة هى الأولى من نوعها لقداسة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، إلى شبه الجزيرة العربية، وتزامن ذلك مع زيارة، فضيله الامام الأكبر شيخ الأزهر الشريف دكتور أحمد الطيب. فاعليات المؤتمر وزيارة الكبيرين، رمزى المسيحية والإسلام، فرانسيس والطيب ، مثلت مرحله فاصلة فى تاريخ العلاقه بين الاسلام والمسيحية، بل وأيضآ فى تاريخ العالم وتاريخ الأديان، فلم تكن الزيارة مجرد شكل احتفالى يطويه النسيان بعد أيام، ولكنه أثمر وثيقة الأخوة الانسانية وهى فى تقديرى أهم وثيقة فى العصر الحديث، لأنها جاءت من أجل السلام العالمى والعيش المشترك، ووقعها بكل لغات العالم الحية فى أبوظبى شيخ الازهر والبابا فرانسيس، وهى عبارة عن 14 ورقه، كل كلمة فيها تؤكد قيم السلام، وثقافة التسامح، وتحث على مواجهة الارهاب، وتنادى بمنح كل انسان حرية الإعتقاد، وتوضح مفهوم المواطنة، وتصون حقوق المرأة والطفل، وتوصى بحماية كل دور العبادة، وتعرى كل مايستند عليه الارهابيون من تبريرات لأفعالهم. وقد كان مشهد إحياء البابا فرانسيس لأول وأكبر قداس من نوعه فى الجزيرة العربية، الذى حضره أكثر من 180 الف شخص، شديد الروعه بعد أن إمتلأت كل جنبات ستاد مدينة الشيخ زايد الرياضية بالبشر من كل الاجناس والديانات، وكانت الوجوه باسمة فرحة يملؤها الحب والفرح والإيمان بأن المستقبل أفضل بإذن الله . واذا كان أول الغيث فى عام التسامح على أرض الإمارات بهذه الروعة، فالقادم سيكون أفضل، ليس فقط على أرض الامارات ولكن فى كل العالم، فنموذج الامارات كوطن للتسامح، بالافعال وليس الأقوال، سيكون له تأثير كبير على دول الخليج وسيمتد ليس الى المنطقة فقط، بل الى العالم، فقد عانى الناس جميعآ من الكراهية والعنف والقتل والخراب والحروب وتدمير الأوطان، وطوابير المهاجرين والمشردين، والغرقى فى البحار والمحيطات. فلماذا لا نجرب ثمار التسامح الذى حقق للإمارات نهضة اقتصادية كبرى؟. ولماذا لا ينتقل عام التسامح إلى دول أخرى؟، وخاصة تلك الدول التى دمرها التناحر والبغضاء والتفرقه والارهاب ، والقائمة طويلة لدينا كدول عربية سواء فى العراق أوسوريا أو ليبيا أو اليمن. ماجرى على أرض الامارات يجب استثماره جيدآ، وعلى كل القوى المحبة للسلام أن تتعاون معآ لتضميد جراح البشرية، فما أحوجنا أن نعود الى انسانيتنا، فما يجمعنا كثير ولا يوجد ما يستحق أن نختلف ونتناحر ونتقاتل من أجله.