فى محاولة غير موفقة لتأليب الرأى العام العالمى على الدولة المصرية، وسياساتها، وقوانينها، انفردت وكالة أسوشييتدبرس للأنباء بنشر تقرير عن ملحد مصرى يسعى لجمع الأموال عبر الإنترنت بهدف شراء جنسية أجنبية تعينه على مغادرة البلاد. وعلى الرغم من احتمالات عدم صحة مزاعم هذا الملحد بشأن تعرضه للاضطهاد فى مصر، فإن الوكالة غامرت بسمعتها وسعت بكل جهدها لإثارة التعاطف معه، فى تحريض صريح منها على التبرع له، رغم أن شبكة الإنترنت تحفل بالعديد من النماذج التى تسعى لجمع التبرعات والأموال لأسباب مختلفة، ومعظمها تحت شعار «اللهم هجرة». فقد بثت الوكالة تقريرا يوم 30 يناير 2019 بعنوان «مدون ملحد يطلق مناشدة لجمع مبلغ من المال لمساعدته فى الفرار من مصر حول إعلان شخص يدعى شريف جابر، والذى عرفته الوكالة على أنه مدون ملحد شهير، فقدانه الأمل فى إمكانية القدرة على مواصلة الحياة فى مصر، وإطلاقه صفحة لجمع التبرعات بعنوان ساعدونى على الفرار من مصر، حتى يمكنه شراء جنسية أخرى تمكنه من التغلب على حظر السفر المفروض ضده من قبل الشرطة السرية المصرية، بحسب وصف الوكالة. وأشارت الوكالة إلى أن النداء الذى وجهه المذكور عبر مقطع فيديو نجح فى جذب 12 ألف دولار خلال 24 ساعة، فى حين أنه يحتاج إلى مائة ألف دولار للحصول على جنسية دولة أجنبية مثل جمهورية الدومينيكان الواقعة فى منطقة البحر الكاريبى قرب الولاياتالمتحدة. وأضافت الوكالة أن الحصول على جنسية ثانية والتنازل عن الجنسية المصرية هو أحد الأساليب التى تم استخدامها بنجاح فيما مضى من قبل الساعين لمغادرة البلاد. ولفتت إلى ما قاله جابر من أن أجهزة الأمن فى مصر تمنعه من مغادرة البلاد رغم المحاولات التى قام بها على مدى سنوات، فضلا عن مصادرتها جواز سفره دون سبب، وذلك فى آخر محاولة قام بها فى شهر أكتوبر الماضي. واختتمت الوكالة تقريرها بفقرة العظة الشهيرة التى نحفظها عن ظهر قلب، وتكررها وسائل الإعلام الأجنبية كالببغاوات منذ سنوات، وهى أن مصر تشهد حملة قمع غير مسبوقة تستهدف حرية التعبير فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، وأنه علاوة على سجن الآلاف من الأفراد، سواء الإسلاميون أو العلمانيون، فإنه يتم أيضا الحبس التعسفى للمواطنين، وتقف الدولة وراء حالات الاختفاء القسري، فضلا عن إخراس أصوات معظم وسائل الإعلام المستقلة. ولم تشر الوكالة فى تقريرها، ولو من باب النزاهة المهنية، إلى أى شيء يتعلق بما صرح به الرئيس عبد الفتاح السيسى من قبل على الملأ، من أن للمصريين حرية العبادة، أو عدم العبادة، ولم تحاول بذل أى جهد للتفرقة بين الإلحاد، وبين تهمة جمع تبرعات بغير وجه حق لادعاء الاضطهاد! وبالتأكيد، لم يفت الوكالة نفسها الضغط على زر أخبار الحريات لديها، لتبث أكثر من خبر وتقرير عن قمع الحريات المزعوم فى مصر، دون أدنى تفكير فى الأسباب التى تدفع إلى ذلك، فبثت بتاريخ 30 يناير الماضى أيضا تقريرا بعنوان مصر تقبض على نشطاء بعد حلول الذكرى السنوية للانتفاضة، فى إشارة إلى ما قاله المحامى نجاد البرعى من أنه تم القبض على خمسة نشطاء من أعضاء حزب سياسي، بعد حضورهم مراسم إحياء الذكرى السنوية للإنتفاضة، دون معرفة مكانهم، ودون أن يتضح ما إذا كان هؤلاء الخمسة من بين ال54 الذين تتهمهم السلطات بالتآمر لإثارة الفوضى فى الذكرى السنوية لهذه الانتفاضة بحسب تعبيرها. ولم يمنع الأمر الوكالة نفسها من إعادة الحديث عن الانتقادات التى وجهها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لأوضاع حقوق الإنسان فى مصر خلال زيارته إلى القاهرة، وهى الانتقادات التى لم يتمكن الرئيس الفرنسى من الحذر منها فى بلاده لدى تعامل قواته الأمنية مع متظاهرى السترات الصفراء.