واصل الجنيه تعافيه امام الدولار للاسبوع الثانى على التوالى ليرتفع بنحو 35 قرشا ويسجل نحو 17.62 جنيها للدولار بنسبة تتجاوز 3% ،وهو امر محمود ويفسره التحسن فى مؤشرات الاداء الاقتصادى لاسيما تدفقات النقد الاجنبى وتعافى القطاعات المولدة للعملات الاجنبية وفى مقدمتها قطاع السياحة الى جانب تحويل الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولى ، والمفاوضات بشأن تمديد ودائع الدول الخليجية الشقيقة التى حل اجلها وتصل الى 10 مليارات دولار من اجمالى الديون قصيرة الاجل الواجبة السداد خلال العام الحالى 2019 والتى تصل الى نحو 14.5 مليار دولار . تحرك سعر الصرف امر جيد يعكس التزام البنك المركزى باليات العرض والطلب بعد قراره التاريخى بتحرير سعر الصرف ، وهو ما اكد عليه محافظ البنك المركزى طارق عامر ،فى تصريحاته لوكالة بلومبرج مؤخرا بان ثبات سعر الصرف على مدى الشهور الماضية لن يظل كذلك وسيشهد تحركا لاسيما بعد الغاء آلية ضمان تحويل اموال المستثمرين الاجانب لدى البنك المركزى ، ،ارتفاع الجنيه امام الدولار يتزامن مع تطورات اقتصادية محلية على صعيد التحسن المستمر فى مؤشرات الاقتصاد الكلى وتحويل الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولى ، وكذلك تطورات اقتصادية عالمية وفى مقدمتها قرار الفيدرالى الامريكى بتثبيت الفائدة على عكس توجهاته التى كان قد اعلن عنها العام السابق بمواصلة رفع الفائدة خلال العام 2019 بعدما قام برفع الفائدة خلال عام 2018. طارق عامر ومهما كانت الاسباب التى دفعت الفيدرالى الامريكى الى قراره بالنكوص عن سياسة التشدد ، سواء بدافع مواجهة هبوط البورصات وتداعيات الحرب التجارية والبريكسيت كما اعلن محافظ الفيدرالى الامريكى جيروم باول نفسه ان هذه التحديات الثلاث هى الأبرز التى تواجه سياسات الفيدرالى الامريكى خلال الفترة المقبلة، او تهدئة مع الرئيس الامريكى ترمب حيث جاء عشاء العمل الذى جمع وجيروم باول يوم الاثنين الماضى عقب القرار، فان الامر المهم هو نكوص الفيدرالى الامريكى عن توجهه فى مواصلة رفع الفائدة وما سيسفر عنه من نتائج وتداعيات مهمة دون شك . ارتفاع الجنيه امام الدولار تتزامن مع تصريحات مهمة للنائب الاول لصندوق النقد الدولى ديفيد ليبتون بمناسبة الموافقة على تحويل الشريحة الخامسة ، والذى اشاد فيها باداء الاقتصاد المصرى واستمرار تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى لاسيما تراجع الدين العام من الناتج المحلى الى 83% وانخفاض العجز بالموازنة العامة الى 8.3% من الناتج المحلى الاجمالى بنهاية العام المالى ، وانخفاض معدل البطالة الى 8.6% الى جانب ارتفاع معدل النمو الى 5.5% ، مع ارتفاع الاحتياطى الاجنبى الى 44.9 مليار دولار ، وان حذر من اثر التحديات الخارجية على الاداء الاقتصادى ، قرار الفيدرالى الامريكى برجوعه عن توجهه برفع الفائدة على الدولار من الأمور الايجابية لصالح عودة الصناديق العالمية والمستثمرين الاجانب الى السوق المصرى والاستثمار فى ادوات الدين الحكومى ، وهو ما ظهرت نتائجه بوضوح فى شراء الاجانب بما يزيد على 900 مليون دولار اذون وسندات فى شهر يناير الماضى وفقا لوزير المالية د. محمد معيط ،وهو ما يرجح التوقعات بشأن خفض الفائدة فى الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية خلال الايام القليلة المقبلة . ارتفاع الجنيه امام الدولار على مدى اكثر من اسبوعين يطرح السؤال حول اثره على الاسعار بالاسواق ، لماذا لايشعر المواطن بتداعيات ارتفاع الجنيه على مستوى الاسعار بالاسواق ؟ لماذا يكتوى بارتفاع الاسعار فورا وفى نفس اليوم الذى يرتفع فيه الدولار امام الجنيه ويحرم من الميزة نفسها فى حال ارتفاع الجنيه بنسبة تزيد على 3% ؟ تعودنا من ان نسمع من التجار حجج ومبررات غير منطقية وغير مقتعة ، فى حال ارتفاع الجنيه ، تكون حججهم ، انهم استوردوا السلع باسعار الصرف منذ 3 اشهر وان دورة فتح الاعتمادات والاستيراد تستغرق اسابيع وشهورا ، وفى المقابل عندما يرتفع الدولار ولو بقروش قليلة ربما قرشين او خمسة قروش يتم على الفور رفع الاسعار ، والمبررات التى يدفعون بها جاهزة ، انهم عند اعادة الاستيراد لهذه الكميات من السلع وعلى سبيل المثال لو كانت سيارات فهم سوف يستوردن عددا اقل فى حال عدم رفع الاسعار لان سعر الدولار ارتفع وعند الاستيراد يستوجب عليهم الحصول على نفس قيمة الدولارات التى استوردوا بها هذا العدد من السيارات !! . توجيه اللوم الى التجار لا يفيد كثيرا ، بل الاهتمام يجب ان يتجه الى رفع كفاءة الاجهزة المختصة ، وفى مقدمتها جهازا حماية المنافسة ومنع الاحتكار ، وجهاز حماية المستهلك ، وهما المنوط بهما تنفيذ القانون ، ولايمكن تحرير الاسواق وفقا لاليات العرض و الطلب دون كفاء هذين الجهازين وقدرتهما على حماية الاسواق والمستهلك من الممارسات الاحتكارية الضارة التى تجعل من المستهلك فريسة سهلة والحلقة الضعيفة فى السوق وتضمن الحفاظ على المصالح المتوازنة لحلقات واطراف السوق الثلاث المنتج والتاجر والمستهلك لمصلحة الاقتصاد القومى وتشجيع الاستثمار ، والممارسات الضارة اكبر عقبة تواجه تشجيع الاستثمار .