حالت وعكة صحية مفاجئة دون حضورى المؤتمر العالمى للأخوة الإنسانية فى أبو ظبى يومى الأحد والاثنين الماضيين, بعد أن عزمتُ على المشاركة فيه حين دعانى إليه الأستاذ الدكتور سلطان الرميحى الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين. ولا أذكر أن حزناً مماثلاً أصابنى عندما اعتذرت عن عدم المشاركة فى مؤتمر أو ندوة من قبل. لكن مؤتمر الأخوة الإنسانية ليس مجرد مؤتمر يُعقد لبحث قضية ما، والتداول بشأنها. كما أنه لا يشبه مؤتمرات حوار الأديان التقليدية. فقد عُقد المؤتمر فى مناسبة زيارة رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرانسيس، وشيخ الجامع الأزهر الإمام أحمد الطيب، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. وتُوج المؤتمر باللقاء التاريخى الذى جمع القامتين العالميتين فيما يمكن أن نسميه قمة حوار الأديان. ولذلك سيُسجل لهذا المؤتمر أنه أسهم فى كتابة صفحة مضيئة فى التاريخ، إذا استعرنا التعبير الذى استخدمه البابا فرانسيس لوصف زيارته دولة الإمارات. فقد وجه عشية بدء هذه الزيارة، رسالة متلفزة إلى الشعب الإماراتى قال فيها: (إننى مسرور لأن أكتب على أرضكم العزيزة صفحة جديدة فى العلاقات بين الأديان لتأكيد أننا إخوة رغم اختلافنا). وكانت معانى الأخوة والمحبة والتسامح ظاهرة بوضوح فى تلك الرسالة العميقة والمؤثرة رغم بساطتها، والتى ظلت رسالته هو شخصيا فى الحياة منذ أن كان أسقفاً فى بوينس ايرس, وحتى اصبح على رأس الكنيسة الكاثوليكية منذ يوليو 2013. فقد كرس البابا فرانسيس حياته لتعزيز الحوار على مختلف المستويات، وليس بين الأديان فقط، وتأكيد احترام التنوع الثقافى، والدفاع عن حقوق الضعفاء والمظلومين فى كل مكان، وتشجيع العمل فى مجالات الرعاية الاجتماعية والإنسانية, وهذه هى الرسالة التى يحرص د. أحمد الطيب على تأكيدها, وجعلها محوراً لنشاط مجلس حكماء المسلمين الذى يرأسه منذ تأسيسه فى يوليو 2014، سعياً إلى بلورة قيم التسامح والحوار وقبول الآخر فى الإسلام وتدعيم مفهوم المواطنة، ومواجهة التعصب والتطرف، والعمل لتدعيم التفاهم والتعاون بين محبى السلام فى العالم من أجل تحقيق الأخوة الإنسانية التى تجمع مختلف الأديان والثقافات والحضارات. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد