تلعثمت كلماتى حين قرر الحديث حول هذه الظاهرة التى تناولتها مرارا، ولكن بعد حمله «خليها تعنس» التى اختلقها شباب تعس على مواقع التواصل الاجتماعى كان لابد أن نلقى الضوء على مجموعة من الظواهر التى تجتاح مجتمعنا من البوابات الخلفية، وفى مقدمتها فقد القيمة وتراجع القيم وانهيار المبادئ! وامتعض الكثير من المواطنين جراء تلك الحملة والحملة المضادة التى تبنتها بنات حواء، وتحدث البعض عن المستوى الأخلاقى الذى نحن عليه الآن، ولكن لم يتحدث أحد عن التربية التى هى المحور الأساسى فى هذه القضية فلم يعد هناك متسع من الوقت لدى الآباء لتعليم أولادهم وبناتهم المعنى الأشمل للأسرة وتحمل المسئوليات نتيجة انشغالهم بالبحث عن لقمة العيش وتوفير المادة، مما ترتب عليه أن أصبحنا فى المركز الأول عالميا فى ارتفاع حالات الطلاق بمعدل 250 حالة يوميا نتج عنها 4 ملايين مطلقة و9 ملايين طفل ضحية وفقا للبيانات والإحصاءات الرسمية – وما خفى كان أعظم- وهو ما يؤكد وجود خلل فى الأجيال الراهنة فلم يعد الولد مؤهلا بما يكفى ليصبح ربا للأسرة ولم تعد الفتاة مستعدة لتحمل مسئولية بيت! بصرف النظر عن العديد من الأسباب الأخرى كالضعف الجنسى ومواقع التواصل وخلافه.. مما لاشك فيه أن المعادلة اختلت فدخل الفرد لم يعد متسقا مع تكاليف الزواج الباهظة والمغالاة غير المبررة فى الشبكة والمهر والهدايا والأفراح، ولكن هذا لا يعنى أن يتعامل البعض مع الفتاة على أنها سلعة للعرض والطلب أو العزوف عنها لمحاربة جشع التجار كما حدث أخيرا مع العديد من السلع كالسيارات والسجائر، فهذا مرفوض تماما فلست سلعة للأب الذى يغالى فى طلباته ولا للشاب الذى تبنى حملة «خليها تعنس». أما ثانى أخطر ظاهرة هى مدى الجهل المدقع الذى يغرق فيه المجتمع فما لا يعرفه أحفاد قابيل من الذكور أن العنوسة مصطلح مصرى لا يعتد به خارجيا والأهم أنه يطلق على الذكور والإناث معا حال تأخر سن الزواج بعد 35 للفتاة و40 للشاب، والأنكى أنه وفقا لتقارير الجهاز المركزى للإحصاء فإن عدد الشباب العانس 430 ألفا بينما الإناث 330 ألفا يعنى العنوسة أعلى فى الذكور!ولسنا قيد مزايدة. وأخيرا فالفتاة التى تجلس فى بيت والدها معززة أفضل مليون مرة من التسرع فى زيجة فاشلة إما أن تؤول للطلاق أو أن تصبح هى المعيلة لأسرة وزوج عالة على المجتمع فقد وصلت نسبة المرأة المعيلة فى مصر الى 30% وربما أكثر، وهى امرأة لا تستند على رجل سواء كان زوجا أو أخا أو أى معيل نتيجة بخل من الرجل أو «نطاعة» أو بلطجة أو رحيله وتنفق هى من عملها و كدها! واذا كان هذا الشاب غير مسئول ولا يعرف كيف يرعاك وأولادك فى كنفه.. أى ليس مؤهلا على أن يصبح رجلا فلتحملن شعار «عانس وأفتخر» يا فتيات مصر الكريمات. لمزيد من مقالات د.هبة عبدالعزيز