جمعت بينهما الغربة فكل منهما يعمل فى دولة غير الأخرى لكنهما قررا الزواج عسى أن يجدا المستقر واتفقا على أن يستمرا كل منهما فى الدولة التى يعمل بها على أن يترددا على بعضهما وأن يكون مسكن الزوجية لدى الزوج وبعد فترة قصيرة من الزواج دبت الخلافات بينهما وكان فى غربتهما زيادة فى بعدهما عن بعضهما البعض وحدث حمل للزوجة استقبلته بلهفة تعوضها عن «خيبتها» فى حياتها الزوجية ثم وضعت طفلها وعلم زوجها وعادا من جديد يحاولان استئناف حياتهما وقبلت لعل الوليد الجديد يجمع بينهما. ولكن سرعان ما بدأت حمم الخلافات تعلن عن نفسها من جديد لتنفجر كالبركان تحول حياتهما لأرق وابتعد الزوج وراحت الزوجة تطالب بحقوقها وصغيرها وحررت محضرا طالبت فيه بتمكينها من مسكن الزوجية ومنقولاتها.. فرد الزوج قائلا إنه لايوجد مسكن للزوجية لظروف زيجتهما التى كانت خارج البلاد وانه طلقها ولم تصبح زوجته وليس لها حقوق. تلقت الزوجة كلمات زوجها فى مفاجأة صادمة وألم وأسئلة تكاد تفتك بها من الدهشة والذهول والاستنكار: كيف طلقني؟ ومتي؟ وكيف استباح لنفسه أن يعاملنى كزوجة وأنا لست على ذمته؟ وانتفضت تسعى للدفاع عن كيانها وشرفها الذى انتهكه شخص المفترض فيه انها استأمنته على نفسها فأبلغت ضده وقالت إنها فوجئت من أقواله أنه طلقها دون أن تعرف وكان يتعامل معها كزوجين رغم فوات عدتها. ولأن الواقعة تشكل جرم كبيرا أحالتها النيابة العامة لمحكمة الجنايات والتى قرر الزوج أمامهما انه طلق زوجته وراجعها «هاتفيا» وأنه لايشترط موافقتها ولا علمها بهذه الرجعة وفقا للشرع على حد زعمه. ولأن المسالة تتعلق بأمر شرعى وحتى تفصل فيها محكمة الجنايات بدقة قررت وقف الدعوى تعليقيا وطالبت الزوج المتهم بإقامة دعوى أمام محكمة الأسرة لإثبات إذا ما كان قد راجع زوجته من عدمه.. وبالفعل أقام الزوج دعوى أمام محكمة الأسرة طالب فيها بإثبات أنه رد زوجته لعصمته بعد طلاقهما وبمواجهة الزوجة أكدت أنها لم تكن تعلم بطلاقها منه ولم يراجعها.. وبفحص المحكمة الدعوى أكدت أن الزوج تلاعب بالأمور الشرعية زاعما رد زوجته للتنصل من التزاماته والإفلات من العقاب الدنيوى بقيامه بمغافلتها بإقامة علاقة معها وهى ليست على ذمته، حيث تبين انه لم يراجعها وأن اقواله جاءت متناقضة مما يؤكد عدم صحة راويته.. وكشفت المحكمة أنه نظرا لخراب بعض الذمم وقيام بعض الأزواج بطلاق زوجاتهم غيابيا وإقامة علاقة معهن دون إبلاغهن بالطلاق؛ فقد نص قانون الأسرة سنة 2001 منه على إلزام المطلق الطلاق الرجعى، إذا قرر رد زوجته، أن يعلنها بذلك بورقة رسمية خلال مدد معينة 60 يوما وللحامل قبل حملها.. وبتطبيق النص على موضوع الدعوى فالزوج لم يعلن زوجته بردها فضلا عما تبين من قيامه بطلاقها دون علمها من الأساس. وانتهت محكمة الأسرة إلى رفض دعوى هذا الزوج بإثبات رده زوجته لعصمته ليعود بذلك إلى محكمة الجنايات ليلقى مصيره ويحاسب على قيامه بمعاشرتها رغم طلاقهما..لكن يبقى حساب الله أكبر.