نشرت صحيفة (اليوم السابع) أخيرا، أن مجلس النواب المصرى قرر حظر تقديم الشيشة فى المقاهى إلا بعد الحصول على ترخيص وتسديد عشرة آلاف جنيه، والحقيقة أن هذا الخبر بتفاصيله تلك يعد إحدى العجائب المصرية، مثال على اختلاف زاوية رؤية المؤسسات التشريعية والإدارية عن المنطق الطبيعى فى النظر إلى هكذا مواضيع وملفات.. فالطبيعى هو أن يصدر قرار حظر الشيشة لأسباب صحية أو بيئية، ولكن أن يقترن خبر الحظر بفرض ضريبة كشرط للسماح بالشيشة فهذا تحايل إدارى معيب جدا، ففرض الضريبة يعنى أن فكرة الحظر لاغية, وإنما هى وسيلة لجمع الفلوس، يعنى تدخين الشيشة مسموح بشرط دفع عشرة آلاف جنيه، وبالطبع أنا أستطيع أن أرشد الإدارة المصرية ومجلس النواب إلى مائة ألف طريقة لجمع المال وفرض الضرائب والمكوس لا تلجئها إلى هذا التحايل والمراوغة الإدارية والقانونية.. التجاء الدولة بكل سلطاتها إلى مثل هذا الإجراء يدل على أن أطنان الكلام التى انطلقت سنوات حول أضرار الشيشة الصحية والبيئية ليست إلا كلاما فارغا فى نظر الدولة وإنما المهم فى نظرها هو جمع المال، وأنا لا أدين فكرة جمع المال فى ذاتها، ولكننى أنظر بكل ازدراء إلى الوسائل المخجلة التى تسعى بها الدولة لجمع المال، فلماذا تطلب الترخيص من أجل السماح بتدخين الشيشة؟! إنها بكل بساطة تفرضه حتى يقترن بدفع ما اسمته الإدارة رسم تدخين تلك الشيشة.. إن مثل هذه الإجراءات غير المنطقية تفتح الباب على مصراعيه لمخالفتها، فليس مستبعدا والحال كذلك أن تنشأ أوكار لتدخين الشيشة دون دفع الضريبة، وسيعرف المجتمع سلاسل من التحايلات على الدولة من أجل تدخين الشيشة دون الخضوع لما تفرضه الإدارة من «جزية».. لا بل ربما سنشهد عمليات تجارة فى الشيشة غير المرخصة بالذات، التى منطقيا سيكون ثمنها أعلى باعتبار أن كل ممنوع مرغوب وأن فكرة مخالفة مثل تلك الإجراءات الهمايونية العشوائية للدولة تستحق أن يدفع المواطن فى سبيلها أموالا إضافية.. أما الاعتبارات الصحية والبيئية فأرجو من أى مسئول يكلمنى عنها، أن يصمت، إذ ثبت باليقين أنها لا تحتل أى مكانة فى سلم أولويات الإدارة. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع