لا يلتزم البعض لدينا بالحد الأدنى من الأمانة العلمية، ودَعْ عنك الحرص على أمن الوطن ومواطنيه وضيوفه واقتصاده وسُمعته بالخارج، عندما يبرِّرون للإرهابيين جرائمهم ضد جيش البلاد وشرطتها، بأنهم محرومون من حرية التعبير وأنهم يعانون ضيق المجال السياسى، وكأن هذا يُسوِّغ لهم رفع السلاح وإيقاع القتلى والجرحى من هذه الأجهزة ومن المواطنين والسياح وتدمير المنشآت..إلخ! بالطبع، هذا لغو يسقط أمام جرائم الإرهاب فى الدول الغربية التى توفِّر أوسع مجال وأقصى مدى لحرية التعبير ولكل الحريات السياسية، إلا أن الإرهابيين لا يحاولون الاستفادة من المتاح أمامهم هناك، بل يكررون نفس الجرائم بدم بارد! انظرْ، كيف يستغل بعض المتعصبين الغربيين هذه الجرائم، المُستَجَدة على بلادهم منذ سنوات قليلة، ليدعموا بها مواقفهم القديمة الراسخة، بعد أن أمدهم بعض المهاجرين المسلمين بما يفيد حججهم، ومِنهم مَن وصلوا عن طريق الهجرة الرسمية، أو باللجوء السياسى، أو بالفرار من الاستبداد والحروب الدامية..إلخ. وكان الرأى السائد فى الغرب يُرجِع عدم اندماج معظم هؤلاء فى مجتمعاتهم الجديدة إلى ضعف اللغة أو إلى عدم ترحاب المجتمعات الجديدة بهم، ولكن الجرائم الإرهابية ضد المجتمعات الغربية أثبتت أن الكثيرين من هؤلاء يرفضون مبدأ الاندماج عن عمد، لأن أدمغتهم تجعلهم يخشون على هويتهم من أن تذوب ثم تتلاشى بعد زمن قليل! أضِف إلى هذا نظرتهم إلى أصحاب البلاد على أنهم كفّار، لا يجوز الاختلاط بهم، كما يمنعون أبناءهم من اللعب مع أترابهم، ويُصرِّون على ارتداء أزياء تخصهم وحدهم، ويجيزون لأنفسهم أن يسعوا لنشر الدعوة الإسلامية، ليس بالموعظة الحسنة، ولكن بمنطق التفضل بانتشالهم من الجاهلية والانحلال..إلخ! المؤكد أن صعود الاتجاهات المتطرفة فى الغرب ظاهرة معقدة تتداخل فيها عوامل متعددة، ولكنهم يستخدمون جرائم الإرهاب كوسيلة إيضاح لسهولة إقناع جماهيرهم بالخطر المحدق، ولطمس حالات النجاح التى يحققها أبناء الجاليات الإسلامية، بحملات عنصرية تزرع وتغذى الكراهية ضد عموم المسلمين نتيجة جرائم بعض أبنائهم. وأما الجدير بالنظر فهو أن المدافعين هناك عن المسلمين يتراجعون فى الانتخابات! لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب