المطالع لنص خطاب وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو الذى ألقاه فى الجامعة الأمريكية خلال زيارته القاهرة لابد سيتوقف أمام اعترافه العلنى الذى أدان السياسات الأمريكية تجاه مصر والمنطقة فى عصر أوباما، حيث ذكر أن القيادات الأمريكية أخطأت بقراءة التاريخ مما أثر سلبا على صورة أمريكا الخارجية، وأضر بالمصالح المصرية، وأثر على حياة الملايين من الشعب المصرى وجميع شعوب المنطقة، وان بلاده أخطأت فى تقدير قوة وشراسة الإسلام السياسى المتطرف، فإن تلك الكلمات تدعو إلى التساؤل حول السبب الذى دفع أمريكا لاختيار هذا الوقت بالذات لتقديم ذلك الاعتراف، ثم هل يمكن أن يتبدل الشعور بعدم الثقة تجاه الولاياتالمتحدة الذى استقر فى الضمير العام المصرى من النقيض إلى النقيض؟.. طبعا الملف تكتنفه تعقيدات شديدة مثل ضرورة الإجابة على الأسئلة التالية.. هل قدمت أمريكا اعترافها على لسان وزير الخارجية وهى تحاول دفع مصر إلى قبول دخول حلفها الذى تزمع إقامته فى المنطقة (الناتو العربى) ضد إيران، بحيث يتكون من دول الخليج والأردن ومصر؟.. ثم هل نفهم هذا الاعتراف باعتباره جزءا من الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين فى أمريكا، وبالذات بين إدارة ترامب وإرث إدارة أوباما؟.. وأخيرا هل هذا الاعتراف يزيل الإهانة التى لحقت بكبرياء المصريين حين وقف أوباما يقول موجها كلامه إلى مبارك إنه يجب أن يرحل فورا وكأنه موظف يعمل فى مزرعة السيد أوباما؟.. إن مصداقية الصورة الأمريكية بما فيها مصداقية اعتراف بومبيو تحتاج إلى ترميم كبير لكى نشترى هذا الاعتراف ويقبله الضمير الشعبى فى مصر والعالم العربى، ثم عندما يتكلم بومبيو عن ضرورة نسيان الدول العربية لخلافاتها القديمة لمواجهة النهج الإيرانى التدميرى، ينبغى عليه أولا أن يدرك أن تلك الخلافات كانت بسبب التدخلات الأمريكية، وأن العرب لم يصلهم اختراع الزرار الذى إذا كبسوه يصلون إلى تغيير مواقفهم إزاء الولاياتالمتحدة التى قالت وزيرة خارجيتها السابقة هيلارى كلينتون إنها أسست داعش وتسببت فى كل ذلك الخراب الذى أنتجه التطرف الإسلامى، وتطالب أمريكا بعض العرب اليوم بإعادة إعماره.. الموضوع هو أن الولاياتالمتحدة تحتاج إلى بذل مجهود عملى كبير لتأكيد موثوقيتها من جديد عند مصر والعرب، وليس مجرد الاعتراف اللفظى الشكلى. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع