ما إنْ وقعت الجريمة الإرهابية الخسيسة فى المريوطية، حتى دارت طاحونة اللغو الذى يُبرِّر الجريمة ويُدخلنا فى دائرة عدمية! يا سادة، إن أكبر الديمقراطيات فى العالم لم تسلم من هؤلاء الإرهابيين رغم توفيرها أكبر إفساح للأفق السياسى، وأفضل الفرص لكل الآراء، وأحسن إمكانات للتواصل مع الجماهير لمن يرغب فى الفوز فى الانتخابات، أضف إلى هذا أنها أنقذت هؤلاء الإرهابيين من مأساة الاستبداد فى بلادهم ومن مهانة البؤس، ومنحتهم عملاً لائقاً وحياة كريمة وضمنت لأطفالهم ما لم يكن فى الخيال، ولكنهم بعد كل هذا لم يشعروا بالحد الأدنى من الامتنان، وكَفَّروا هذه المجتمعات التى وفَّرت لهم هذا النعيم، ورفعوا ضدها السلاح واستحلوا نساءها وأموالها..إلخ. لا تهوين من أهمية المواجهة الفكرية، شريطة عدم الوقوع فى أوهام أنها ستأتى بالحل الحاسم الفورى، لأن أقصى ما يمكن أن تحققه هو أن تحصر هذه الأفكار فى أضيق نطاق، لأنه يستحيل محوها من الماضى ولا يمكن منع البعض من الانجذاب إليها. وحتى هذا، فلن يتحقق إلا بعد زمن طويل، وسوف تبقى بعده إمكانية أن يطل هذا الخطر بقرنيه بسبب هذا الأثر الباقى مع من يلجأون إلى التقية للإفلات من أى مأزق. أضف إلى هذا أن كل هذه الجهود الفكرية لا يتعدَّى أثرها المأمول هذا النتوء البارز فى العملية الإرهابية المعقدة التى تتشكل من خط إنتاج ممتد، لا ينتمى جذره الفاعل بالضرورة لأى من هذه الأفكار وإنما تحركه أهدافه، التى تبغى الإيذاء والتدمير من أجل تحقيق أغراض عملية محددة، وهؤلاء هم الذين يمولون ويوفرون السلاح والتدريب ومنصات الإعلام التى تبرر وتدافع..إلخ. وهؤلاء لا يجدى معهم حوار فكرى ولا إفساح للمجال السياسى ولا شيء، هذه دول أخرى وأجهزة استخبارات معادية لا يهمها من هذه الأفكار إلا أثرها العملى التخريبى الذى يحقق مستهدفاتها! لقد أثبت نجاح العملية الشاملة التى بدأت فى فبراير الماضى، أن القوة هى التى حصرت وأضعفت الإرهابيين، وهو ما يُعزِّز استمرارها مع المزيد من التصعيد ضدهم لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب