جعل الله تعالى الزوجة راعية ومؤتمنة على زوجها وأسرتها، تهتم بهم وتقوم بمصالحهم وتبذل لهم ما تقتضيه فطرتها من العطف والحب والحنان، بما يعود على البناء الأسرى بالاستقرار والأمان والتكامل. وتبدأ مسئولية الزوجة عن أسرتها مبكرًا قبل تكوينها من خلال حسن اختيار شريكها أو الرضا به دون إكراه؛ خاصة إذا ناسب حالها وفق معايير الكفاءة التى أرشد الشرع الشريف النساء إلى اعتبارها فى الرجال، وهي: الدين ومكارم الأخلاق والتربية المتشابهة والثقافة والتعليم وكل ما يقتضيه العرف الجارى الذى يجعل أمورا معينة توجد قدراً من التناسب بين الزوجين ينعكس أثره على الاستقرار الاسرى، وفى ذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض، وفساد عريض» (سنن الترمذي). وتدور مسئولية الزوجة تجاه زوجها حول طاعته بالمعروف وحسن عشرته والمحافظة على ماله فلا تتصرف فيه بما يضره أو لا يسمح به، لكنها مستقلة فى شئونها الخاصة حرة التصرف فى مالها، مع ضرورة تقديم الدعم النفسى للزوج وتهيئة الجو الصالح للأسرة؛ فقد جعل الله تعالى طاعة الزوجة لزوجها من سمات صلاحها كما فى قوله صلى الله عليه وسلم: «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله، خيرًا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته فى نفسها وماله» (سنن ابن ماجه). وطاعة الزوجة لزوجها من قبيل مقتضيات الدور الوظيفى الواجب على كلٍّ من الزوجين تجاه الآخر؛ فالرجل عليه تجاه الزوجة الحماية والاكتساب والنفقة المالية، وهذه الأمور ليست مطلوبة لذاتها بل هى فى الحقيقة طاعة لله تعالى وامتثال لأمره الحكيم، كما تحبس الزوجة نفسها لحق زوجها، وهو أمر من قبيل القيام بالحق المترتب على عقد الزواج. ويتحقق هذا الحبس من خلال مستويات أساسية ثلاثة: فهناك الحبس على مستوى النفس، بمعنى كونها زوجة، وما يترتب على ذلك من لزوم توجهها بكل مشاعرها وعواطفها تجاه هذا الزوج حتى يصبح بؤرة اهتمامها، ثم ينبنى على ذلك المستوى الثانى وهو الحبس الاجتماعى الذى يستوجب أن تكون علاقات المرأة الاجتماعية والعاطفية والإنسانية موقوفة على الزوج موجهة دائما وبكثافة نحوه فى المقام الأول ثم تُقام العلاقات مع غيره بعد ذلك بحسب طبيعتها كالصلة مع الوالدين ثم الأصدقاء والأقارب ثم الجيرة وزملاء العمل، ثُمَّ يأتى المستوى الثالث وهو المتعلق بالجانب الاقتصادي، الذى تنعكس فيه مساندة الزوجة لزوجها ومساعدته فى الجوانب المالية واحتياجات المعيشة من جهة طيب الخاطر وحسن الإيثار والتبرع الذى لا يضفى إلزاما عليها، بل هو من حسن العشرة، ما دامت ذات يسار واستطاعة. ويقع على عاتق ربة الأسرة الاهتمام بتربية الأبناء تربية سوية، وذلك من خلال تكامل الأدوار والحقوق بينها وبين الزوج، والحرص على بناء نسيج الأسرة على حُسْن العِشرة وإظهار المودة وبذل ما فى الجهد من صور الملاطفة المعنوية والحسية والعطاء دون انتظار مقابل، كما لا يخفى أن من حُسن العشرة احترام شخصية الرجل وإكرامه، ومن إكرامه إكرام أهله أيضًا. كل هذا أداءً للحقوق، وامتثالا لأمر الله تعالى وطلبًا لثوابه الجزيل المترتب على ذلك، كما فى قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِى الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» (مسند الإمام أحمد). لمزيد من مقالات د. شوقى علام مفتى الجمهورية