حان وقت وضع حد لهذه الموجة المغرقة من الإعلانات الزنانة اللحوحة المتناثرة على شاشات القنوات الخاصة، والتى تروج لأنواع متعددة من الأدوية وتزعم أنها قادرة على علاج بعض الأمراض المستعصية التى حار فيها العلم وأطباء العالم المعروفون، وتتذرع دعاية تلك الأدوية بتراخيص تقول إنها حصلت عليها من وزارة الصحة المصرية دون إظهار أن تلك التراخيص تتعلق بسلامة العقار وصلاحيته للاستخدام الآدمى، من دون أن يرتبط ذلك بالشفاء من عرض أو مرض وهكذا تزاحمت إعلانات عن عقاقير لعلاج آلام وتشوهات العظام، أو للتخسيس وغيرها، وهى جميعا تدعى الإتيان بالمعجزات الخارقة، رغم أننا نقرأ عن العلاجات التى تروج لها مثل تلك الإعلانات فى أى مجلة علمية دولية، ولم نسمع عن طبيب مصرى شهير أو حتى متوسط الشهرة كتب أسماء مثل تلك الأدوية فى وصفة طبية (روشتة) لأحد مرضاه.. نحن فقط نشاهد من يحاول فى الإعلان أن يلعب دور المذيع ويستضيف من يقول إنه (طبيب) ويحدثه باحترام وتوقير شديدين طالبا رأيه فى الإعجاز العلمى الذى يمثله الدواء أو العقار الذى يروجه الإعلان، والعجيب أن بعض من يقول الإعلان أنهم أطباء يتعالمون علينا مسوقين للدواء الساحر الجديد ومؤكدين تخفيض سعره خدمة للأهالى من المستهلكين، يعنى عند هذه النقطة انتقل من يقول إنه طبيب من مربع الكلام العلمى والطبى إلى مربع الكلام التجارى فصار يتكلم عن الأسعار وإنسانيات تتعلق بادعاء من يقول إنه طبيب عن ارتباطه بالناس وأنه سيخفض الأسعار من أجل مصلحة الجمهور أو الأهالى. هذه العملية تتم وتتكرر دون مراقبة أو مراجعة أو تأكيد أن مثل تلك الأدوية تعالج ما يدعى المذيعون ومن يقولون إنهم أطباء معالجته، أم أنها مجرد مسكنات، فالرقابة لا تكون حول صلاحية المنتج (بفتح التاء) للاستهلاك الآدمى، ولكن للتأكيد والبرهنة على أن الدواء المزعوم يعالج فعلا ما يدعى علاجه ويروج له هذا الرهط الكبير من المذيعين والأطباء، إن مراجعة إعلانات الأدوية والتسول ليست مهمة هيئات طبية فقط ولكنها كذلك مهمة أصيلة للمجالس الإعلامية التى تزخر بها ساحات البلد وعلى رأسها الهيئة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلى للإعلام. لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع