انزعج بعض السياسيين والمثقفين فى أوروبا عندما اكتشفوا أن أجهزة الأمن لديهم تساعد المتطرفين الإسلاميين المنتمين لجماعات إرهابية داخل بلادهم دون أن تدرك هذا، فى الوقت الذى تتوهم فيه أنها حققت ضدهم انتصارات نوعية، بعد أن بذلت جهوداً مضنية راقبتهم فيها عن قرب وتمكنت من رصدهم والتنصت عليهم واختراق صفوفهم، ثم وبعد تحقيقات ومحاكمات نجحت فى إيداعهم السجون. ولكن غاب عن مسئولى هذه الأجهزة أنهم قدموا لهؤلاء الإرهابيين خدمات عظيمة وفرت عليهم أعقد مهماتهم، وذلك بجمعهم مع جمهورهم الذى يستهدفونه، من المسجونين الآخرين من مواطنى الدول الغربية الذين يقضون عقوبات فى قضايا أخرى، وهؤلاء أقرب للتجنيد فى صفوف الإرهابيين، لأنهم بالفعل ناقمون على المجتمع، حتى وإن كانت الأسباب مختلفة، كما أن بعضهم اختاروا العنف أداة لهم، حتى وإن كان لأغراض أخرى، وهذا يجعهلم قريبين عمليا من الأفكار التى تعادى مجتمعاتهم وتسعى بالقوة للانتقام منه، وها هم جميعاً صاروا زملاء يعتبرون أنفسهم معاً ضحايا هذه المجتمعات، وصار لديهم الوقت الطويل للحوار والمناقشة والإقناع والاقتناع، وقد ثبت بالأدلة وبالأسماء أن الإرهابيين نجحوا بالفعل فى تجنيد بعض هؤلاء إلى صفوفهم. هذه معضلة كبرى، لأنها تدور فى مجتمعات تخضع لسيادة القانون الذى يضع كوابح لكل الأطراف، فكما أنه يحظر على المواطنين كذا وكذا، فإنه يضع عراقيل أمام أجهزة الدولة تمنعها من الانطلاق بلا قيود فى التعامل مع الخارجين على القانون، أضف إلى هذا أن الإرهابيين فى السجون يتحررون كثيراً من الخوف من أجهزة الأمن، التى لم تعد تملك أن تفعل فيهم أكثر مما فعلت، كما أنه يستحيل منع أو السيطرة على هذا الحوار بين المسجونين، حتى بعد أن تبينت مخاطره، وحتى بعد أن تأكدت الدولة من الاختيارات المستقبلية للمجندين الجدد من مواطنيها، وقد بدأ بعضهم بالفعل نشاطاتهم وهم فى السجون عن طريق وسائطهم الخاصة، بمساعدة الإرهابيين على نقل رسائلهم إلى خارج السجون! لم يعد هنالك فكاك من تعاون دولى حقيقى لمواجهة الإرهاب. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب