حسناً فعل المُشرع الدستورى حينما نص فى المادتين 186 و239 من الدستور المصرى الحالى على حظر الندب الكلى والجزئى للقضاة لغير الجهات القضائية كالوزارات والهيئات العامة وغيرها، تاركاً فترة سماح لتقنين الأوضاع تنتهى فى يناير المُقبل، فهاتان المادتان تُعيدان الأمور إلى نِصابها الصحيح لسببين.. الأول: أن قضاة المنصة أو قضاة الحكم لا يصح أن يعملوا بمنأى عن وظيفتهم القضائية المحضة واستقلالهم وحصانتهم وحيدتهم التى من المؤكد أنهم يفقدونها أو بعضاً منها حينما يعملون عن طريق الندب الكُلى أو الجزئى لدى إحدى الوزارات أو الهيئات، والثاني: أن دور القاضى هو أن يقضى وليس أن يُستشار لإبداء رأيه القانونى فيما يُحال إليه من الجهة الإدارية التى يعمل مُستشاراً لديها، ولا يُحاج فى هذا الصدد بالحاجة المُلحة لعمل القضاة كمُستشارين للجهات الإدارية، لأن هذه الجهات تملك قانوناً عرض ما يَعِن لها من استشارات قانونية على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة طبقاً للقانون رقم 47 لسنة 1972، مع مُلاحظة أن فتاوى الجمعية المذكورة تكون مُلزمة للجهة الإدارية طالبة الفتوى أو الرأى القانوني، بل الأحرى إذا لزم الأمر تدشين بروتوكول تعاون بين الحكومة ونقابة المحامين لتندب من تراه مُناسباً لهذه الأعمال القانونية وفقاً لشروط وإجراءات صارمة ستؤتى الفائدة المرجوة منها دون الحاجة للمساس بهيبة السلطة القضائية، وأتمنى أن يصدر مجلس النواب قانوناً من مادة واحدة تنفيذاً للنصين الدستوريين حِفاظاً على هيبة القضاء واستقلاليته وعدم الزج بحيدته فى أتون آراء قانونية لا تصطبغ بصبغة الأحكام القضائية، وإنما محض رأى قانونى قد يحتمل الصواب أو غيره ليظل القضاة على منصاتهم العالية بعيداً عن القيل والقال . سمير على حسنين مُحام بالنقض والإدارية والدستورية العليا