رد فعل فاتر بالأسواق على تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل    الرئاسة الفلسطينية تُدين عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدينة "طولكرم" ومخيميها    حصل على بطاقة صفراء ثانية ولم يطرد.. مارتينيز يثير الجدل في موقعه ليل    محمد إمام ينعى صلاح السعدني : "رحل العمدة "    افتتاح المؤتمر الدولي الثامن للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان    قناة مجانية تعلن نقل مباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي    "يد الأهلي" يهزم وفاق عين التوتة ببطولة كأس الكؤوس الأفريقية    درجة الحرارة تتجاوز 40 .. بيان هام بشأن الطقس الأسبوع المقبل: أعنف الموجات الحارة    متحدثة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية: الموقف بغزة ما زال كارثيًا ومرعبا    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    لا يقتصر على السيدات.. عرض أزياء مميز ل «التلي» برعاية القومي للمرأة| صور    عمارة : مدارس التعليم الفني مسؤولة عن تأهيل الخريج بجدارة لسوق العمل    وزارة الهجرة تطلق فيلم "حلقة وصل" في إطار المبادرة الرئاسية "أتكلم عربي"    أحمد صيام: صلاح السعدنى فنان كبير وأخ عزيز وصديق ومعلم    مرموش يقود آينتراخت أمام أوجسبورج بالدوري الألماني    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    محافظ أسيوط يوجه الشكر لاعضاء اللجنة النقابية الفرعية للصحفيين بالمحافظة    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    أخبار الأهلي : حقيقة مفاوضات الأهلي للتعاقد مع لاعب البنك فى الصيف    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بمحافظة الأقصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    اعتقال مشتبه بهما في بولندا بسبب الهجوم على ناقد للكرملين في فيلنيوس    مهرجان كان السينمائي يكشف عن ملصق النسخة 77    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    تسجيل أول سيارة بالشهر العقاري المتنقل في سوق بني سويف    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    عمل الحواوشي باللحمة في البيت بنفس نكهة وطعم حواوشي المحلات.. وصفة بسيطة وسهلة    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    «التحالف الوطني»: 74 قاطرة محملة بغذاء ومشروبات وملابس لأشقائنا في غزة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    جامعة القاهرة تحتل المرتبة 38 عالميًا لأول مرة فى تخصص إدارة المكتبات والمعلومات    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    «التنسيق الحضاري» ينهى المرحلة الخامسة من «حكاية شارع» بمصر الجديدة ومدينة نصر    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إهمال ب «خاتم النسر»

هى فقط بضع دقائق ومئات الأمتار فى مجرى نهر النيل بين قريتى بشتامى وكوم شريك، بدائرة مركز الشهداء، بمحافظة المنوفية، ليجد 22 مواطنا من أهالى القرية الأولى يوم الأحد الماضى أن عليهم سداد فاتورة إهمال وتسيب أجهزة المحافظة فتطوع 5 منهم بسداد حياتهم نيابة عن بقية ركاب المركب المتهالك الذى حددت له رخصة ابحاره 8 ركاب فقط وليس 22 راكبا ليغرق فى قاع النهر بعد أن غمرته المياه من كل جانب بسبب حمولته الزائدة. لم تكن حياة 5 من الشباب - بينهم فتاتان ولا يتجاوز سن 4 منهم 18 عاما بينما ينفرد خامسهم بسن 40 عاما - تمثل قيمة الفاتورة نيابة عن ال22 راكبا فقط بل نيابة عن مئات المواطنين الذين لا يجدون وسيلة لانتقالهم إلى الجانبين صباح كل يوم من الساعة 5 فجرا ليتسلموا عملهم فى المزارع حتى المساء يوميا مقابل 80 جنيها ويعودون إلى منازلهم ليبدأوا مخاطرتهم الجديدة فجر اليوم التالي!. وعلى الرغم من التحذيرات العديدة من وقوع حادث غرق المعديات على مجرى النيل الرابط بين محافظتى المنوفية والبحيرة وتكرار مطالبة رئاسة مجلس الوزراء وهيئة الطرق والكبارى بالموافقة على إنشاء كوبرى يربط بين المحافظتين فى تلك المنطقة إلا أن لجانا من الهيئة رفضت إنشاء الكوبرى بسبب ضخامة تكاليفه بعد أن أجرت معاينات عدة للموقع!. يبدو أن هذه مطالبات الأهالى لم تصل إلى الرئيس السيسى الذى اعتاد مسئولو الأجهزة المختلفة انتظار توجيهاته ليتحركوا دون أن تدفعهم مسئوليتهم عن حياة المواطنين وخدمتهم وحدها إلى أى إنجاز لرعاية وخدمة المواطن على الرغم من أن تحقيق هذه الخدمات لا تتعدى مجرد قرار من رئيس أى وحدة محلية أو قرار من المحافظ فى حالاتها القصوى وليس قرارا جمهوريا!. ووفقا لما اعتادت عليه وزارة التضامن الاجتماعي، من التحرك بعد وقوع أى كارثة وليس قبلها - وفقا لمبدأ التضامن الوزارى الذى يجمعها بغيرها من الوزارات والأجهزة الحكومية - فقد أصدرت بيانا تؤكد فيه أن وزيرتها وجهت مديرية التضامن الاجتماعى بالمنوفية فور وقوع الحادث بسرعة التحرك والتواجد الفورى لفرق الإغاثة إلى موقع الحادث وتكثيف الجهود نحو مساعدة الأهالي، وتقديم التعازى لأسر المتوفين، وتمنيات الشفاء للمصابين وقررت صرف اعانات عاجلة للأسر, تتجاوز 10 آلاف جنيه للمتوفى و5 آلاف للمصاب, غير أن البيان عاد ليؤكد أن صرف هذه المساعدات سيتم فور استكمال هذه الأسر المستندات الخاصة بالصرف، تطبيقا للقرارات الوزارية.. والخطوة الأخيرة هذه جاءت اتساقا مع الروتين الحكومى المعتاد.. بينما اكتفى المحافظ بالانتقال إلى المستشفى لمتابعة إجراءات استخراج شهادات الوفاة وتصاريح الدفن!. حتى هذه اللحظة لم أجد مبررا واحدا لحالة الصدمة التى فوجيء بها مواطن، المنوفية نتيجة الحادث الذى أنهى حياة 5 من شباب المحافظة وإصابة 18 بينهم 3 فى العناية المركزة.. فمن سكن قاع النيل مجرد فئة مهمشة من المواطنين الذين ليست لهم أنياب أو حتى أظافر... مواطنون محدودو الدخل أو معدوموه... يقاتلون من أجل لقمة عيش... يصارعون الفقر غير أنهم فى النهاية يستسلمون له.. وباختصار هم أبناء البطة السوداء الذين أبدلوا مواقعهم من قاع المجتمع إلى قاع النيل!. الشيء الوحيد المؤكد أنه لم تتح لأى منهم أى فرصة للاختيار سواء فى حياته أو حتى لحظة موته... فالفقر لم يكن رغبتهم... وقسوة الحياة كانت مفروضة عليهم.. والعيش على هامش الحياة لم يكن اختيارهم... حتى لحظة الموت غرقا كانت مصيرهم الذى فرضه عليهم تآمر الإهمال والتسيب واللامبالاة!. دون حذف أو اختصار فإن كل شيء يتكرر بذات الوتيرة ففى كل يوم تغرق عبارة فى مياهنا.. يقع حادث مميت ولكن بشكل مغاير.. فى المواصلات.. فى الصحة إذ يغادر معظمهم الحياة لأنهم لا يمتلكون ثمن أو حق العلاج بعد أن تفترس البلهارسيا أكبادهم وتنفرد خلايا السرطان ببقاياها على الرغم من مشروع السيسى الإنساني, 100 مليون صحة.. وفى التعليم ينحشر أبناء معظمهم وسط 70 أو 80 تلميذا فى فصول فترة ثالثة بمدرسة, لاتمتلك من مقومات التعليم سوى لافتة على بابها تحمل اسم الوزارة الذى يصر وزيرها على مشروع التابلت على الرغم من افتقاد مدارسها للكثير, إذ أنهم لايمتلكون ترف التعليم الخاص..تختنق صدورهم بالتلوث.. يخوضون فى مياه الصرف الصحى ويبحثون عن مواقع مأواهم وسط أكوام القمامة لأنهم لايملكون تكاليف السكن فى شوارع تخترقها مواكب المسئولين على الرغم من مجهود رئيس الدولة لانتشالهم من العشوائيات.. فكل مايقدم لهم من خدمات مدموغ بالإهمال واللامبالاة! .ولكل هذه الأسباب أو لبعضها كان لابد أن ينتقل هؤلاء من قاع المجتمع إلى قاع النيل , بعد أن فقدوا قيمتهم وأمانهم وآمالهم وطحنهم المجتمع بكل قسوة قبل أن تبتلع مياه النيل أجسادهم!.
لمزيد من مقالات عبد العظيم درويش

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.