عنوانه البهجة والاحتفاء بالجمال .. نساؤه مفرطات فى الحسن حتى وأن كانت زينتهن الانهاك فى العمل .. هكذا يمكنك أن تصف الوجوه التى تطل علينا من لوحات الفنان عبدالعال فى معرضه الذى تم افتتاحه الجمعة الماضية بعنوان «وجوه» بجاليرى «آزاد» بالزمالك ويعرض 45 لوحة زيتية وباستل وألوان مائية، والتى تشكلت ملامحها من ملامح الحقل وماء النهر والبحر فهو قد ذرع الارض شمالها وجنوبها ليتأمل تلك الملامح بسمرتها المحببة واثواب نسوتها المزركشات والمطرزات وتلك الحلى التى تفنن فى سبكها ونقشها وصياغتها ليتجملن بتفرد قل ما جاد الزمان بمثله على شعب من الشعوب .. وكأن البلاد بطولها وعرضها التى شرع منذ سنوات بعيدة بالسير فى دروبها قد قررت أن تكون ملهمة لهذا الفتى الاسمر الثاقب النظرات دقيق الملاحظة زخم الموهبة المفتتن بها وبسحرها.. وليتدون اسمه فى دفاتر الفلاح الفصيح فى ريف مصر وصعيدها ولتكون أسواق عرب الشرقية شاهدة على ما أقسمه من وفاء ريشته وألوانه وانتمائهما لارض مصر المصانة المصونة .. صار الفتى منذ أن كان طالبا بكلية الفنون الجميلة بالزمالك وما قبلها من طفولة ومراهقة يتحسس الخطى نحو فن جميل وصولا الى عمر السبعين وحتى عام 2013 تحديدا حين فقد البصر ولكنه لم يفقد البصيرة التى لازمته عمره منذ ان امسك بيده اول قلم وريشة ولون مدججا بالثقافة العميقة التى تدافع عن كل لقطة جمال تشى بالمرأة المصرية وكأنه الجندى المجند للذود عن بريق حليها وتطريزات اثوابها وكل تلك الكرانيش والطرح التى تتلبس بها صعيديات وفلاحات مصر وزينة الايدى المغموسة فى التعب على نواصى الازقة والحوارى وابواب البيوت وعلى اسطح المنازل لنساء كادحات يبعن الخضراوات فى الاسواق ويربين العيال وينشئن الابناء ..صار عبد العال الواشى بكل لقطة لامرأة تتكىء على جدار او تحمل المشنة او السبت على رأسها المثقل بالهموم والاشياء او تكنس الدار من الالم والاتربة .. كل لقطة هى شاهد بذاتها على الفنان الذى فتنه الجمال وقرر ان يعبر عنه بموسيقى ريشاته والوانه باخلاص وصدق .. بل وقراره ألا يكون رساما فحسب بل عازفا ومايسترو .. ولن نبالغ إذا قلنا ان جلال فن «عبد العال» البالغ من العمر الان 75 عاما ينبع من كونه ظل تلميذا نجيبا للتاريخ والجغرافيا التى صارت عنوانا لكل لوحة رسمها لوجه من وجوه مصر .