احتفل العالم بإحياء ذكرى توقيع الهدنة التى أنهت الحرب العالمية الأولى، التى حصدت أرواح 18 مليون شخص. وكان أمرا لافتا أن يشارك رؤساء دول وحكومات نحو سبعين دولة فى العاصمة الفرنسية فى تجمع مهم، وذلك لتأكيد أن العالم الذى تمزقه الصراعات والحروب بحاجة ملحة إلى السلام. ويأتى ذلك وسط أنباء عن قيام واشنطن بتأسيس أسطول لمهاجمة روسيا والصين، وذلك فى الوقت الذى سبق لروسيا والصين إجراء أكبر مناورة حربية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، شارك فيها 300 ألف جندى فى منطقة الحدود ما بين روسيا والصين وذلك فى استعراض للقوة. وتأتى هذه المناورات فى الوقت الذى يشهد العالم توترا محتدما ما بين الغرب وروسيا، كما أن الخلافات الأمريكية الصينية باتت واضحة للعيان خاصة فيما يتعلق بالحرب التجارية. فضلا عن استمرار حالة الاتهامات المتبادلة بين الغرب من جهة وروسيا والصين من جهة أخري. مما يعيد أجواء الحرب الباردة، وكشفت موسكو عن أسلحة جديدة، واستمرار الخلافات حول الملف السورى والإيرانى والأوضاع فى أوكرانيا، والاتهامات الأمريكيةلروسيا بالتدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الماضية. وفى الوقت الذى تتزايد فيه «موجات الشعبوية» سواء فى أوروبا أو الولاياتالمتحدة وأمريكا الجنوبية فإن ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى تمثل «جرس إنذار»، وذلك نظرا لأن الكثير من المراقبين يرون أن الأجواء الحالية تشبه إلى حد بعيد أجواء ما قبل الحرب الأولي. ويسعى الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لانتهاز الفرصة لتأكيد التعددية فى العلاقات الدولية، وإعلاء ثقافة السلام والحوار، وذلك فى الوقت الذى تبدو فيه عدة دول تميل إلى الابتعاد عن ذلك وعلى رأسها الولاياتالمتحدة أكبر قوة فى العالم. وتبدو منطقة الشرق الأوسط بحروبها المشتعلة ومعاناتها التدخلات الإقليمية والدولية أكبر مناطق العالم احتياجا إلى السلام، ويتطلع مواطنوها إلى «نهاية الحروب بالوكالة» التى عصفت باستقرار أوطانهم ووحدة وسيادة دولهم، ومما لاشك فيه أن المنطقة والعالم كله يحتاج إلى مواجهة الشعبوية والمصالح الضيقة للدول، وتأكيد «التعددية الدولية» وحل النزاعات من خلال «الرسائل السلمية» وآليات التعددية، والمنظمات الدولية، والتعاون الدولي، وتكتسب «التعددية» أهمية خاصة بالنظر إلى أنها المبدأ الذى يحكم العلاقات الدولية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، كما أن آليات التعددية الدولية تمكنت حتى الآن من تجنب الحرب العالمية الثالثة، ويجب ألا يتم تهديد السلام العالمى تحت أى ذريعة. لمزيد من مقالات رأى