من أهم الخطوات التى ينبغى الأخذ بها فى التعامل مع آخر ظواهر الارتفاع غير المُبَرَّر فى أسعار بعض السلع الغذائية الأساسية، والتى هى جريمة اقتصادية متكاملة، أن تُصَنَّف بأنها قضية أمن دولة. وذلك لعدة أسباب، يأتى فى مقدمتها أنها تسبب أضراراً بالغة للأغلبية الساحقة من المواطنين، كما أن فئة هؤلاء التجار المتسببين فى الأزمة، إذا لم يكونوا يستهدفون إحراج أجهزة الدولة وإظهارها بمظهر العاجز عن السيطرة على الأوضاع ضد جرائمهم، فهم لا يكترثون أن يضعوا الدولة فى هذه الأزمة. أضف إلى هذا أنهم يقدمون تبريرات كاذبة بالزعم أن هناك تكلفة زادت عليهم فى النقل وغيره، وهو ما يعنى أنهم يبيتون النية على التزوير بانتقاص أرباحهم الفعلية، بهدف التهرب من الضرائب واجبة السداد مقابل مكاسبهم الهائلة التى ينكرونها. وأما أهم أسباب وجوب تصنيفها فى خانة قضايا أمن الدولة فتتبين فى أن مقترفيها يعرفون مخاطرها، بدليل تعمدهم التخطيط لها فى سرية عن الأعين الرقابية، ثم ادعاء البراءة!. ويمكن للمجتمع المدنى أن يساعد فى توفير الحقائق لمتخذى القرار، بتقديم دراسات علمية تشمل الجوانب المختلفة للقضية، ومنها تحديد التكلفة الحقيقية للسلعة، والسعر البخس الذى باع به الفلاح بعد أن كدّ موسماً كاملاً ودفع أموالاً فى كل خطوة حتى حَصَد المحصول، ثم، وبعد كل هذا، ولتبيان الفارق، تقديرات الأرباح الخرافية لبعض كبار التجار. وفى كل الأحوال، ودون الانزلاق فى هواجس مَرَضية، فإنه من الحكمة أن نتوقع إمكانية وجود مؤامرة تتعمد تعذيب المواطنين بهدف أن يوجهوا غضبهم ضد الحكومة! وهو احتمال يستحق التوقف أمامه وفحصه بدقة، بالبدء فى التحرى عن انتماءات كبار المتسببين فى الأزمة، خاصة أنه ثبت فى أزمات سابقة أن الإخوان، عقب نجاح الشعب فى الإطاحة بحكمهم، كانوا أصدروا تعليمات لكوادرهم للقيام بعمليات تخريبية اعترف بعضهم فى التحقيقات بأنها تستهدف تنغيص حياة المواطنين لنفس الغرض، مثل تعطيل السيارات عمداً فى ساعات الذروة عند مطالع ومنازل الكبارى، لإعاقة المرور، ومثل تدمير أبراج الكهرباء والاتصالات التى تغذى القرى..إلخ! لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب