ظهور مؤسسات ثقافية خاصة يعبر عن تلبية لاحتياج مصرى حقيقى، ولا ينتقص من قيمة وثقل المؤسسة الثقافية الرسمية، وهكذا نظرت إلى المعارض المتكررة التى تقيمها مؤسسة (آرت دى إيجيبت) التى تنطلق فى القاهرة ثم يجوب بعضها العالم، وترعاها وتقودها نادين عبدالغفار التى دشنت يوم 28أكتوبر معرضا فريدا فى قصر محمد على بالمنيل بعنوان: (لا شيء يتلاشى.. كل شيء يتحول) وهو معرض يبلور رؤى مجموعة من الفنانين لمفردات عصر الباشوات والطقوس والأجواء التى أحاطت به، ويأتى بعد معرض آخر مهم أقامته فى المتحف المصرى وعرضت فيه مجموعة بديعة من لوحات الفن الحديث إحداها لفاروق حسنى، ثم طافت بذلك المعرض بلاد العالم كلها. لفتنى فى المعرض الجديد القطعة البديعة التى عرضها الفنان ماهر داود ملخصا فيها رؤيته لزمن الباشوات، حين مزج بين نموذج معمارى ينتمى لهذا الزمان وملمح دال على الخديو أبو الباشا هو (الشارب أو الشنب)، فعرض نموذجا لعمارة تقليدية من التى نشاهدها فى جاردن سيتى مثلا، مع شارب زجاجى ضخم فى بوكس شفاف من الذى تعرض فيه الآثار عادة فى المتاحف وزواج بين معمار المرحلة ومفرداتها الشخصية الشكلية والملامحية ومنها الشنب، ليلقى أمامنا بتكوين موح بشلال من الإيحاءات والأفكار. هذا التلخيص الذى ينتمى إلى مربع الفن المعاصر وليس الفن الحديث يشبه النماذج التى رأيتها فى متحف جلاسجو للفن المعاصر بإسكتلندا التى ربما يسود بعضها إحساس ساخر ولكنها تمزج بين عناصر تستولد فينا الإحساس بزمن ما، ولعل عرض قطع المعرض فى قصر الأمير محمد على فرض على الفنانين أن تأتى أعمالهم متوافقة مع جو المكان أو هكذا رأيت عمل ماهر داود الذى اخترته لقوة التأثير الذى أحدثه فى خدمة الفكرة الأساسية للمعرض فى هذا القصر.. هذه المجموعة من القطع ومكان عرضها لا نستطيع أن نقول إنها تعكس حنينا إلى الماضى، وتغرق متأملها أو متلقيها فيها، وتعيد اكتشاف العلاقة بين مفردات زمن بعينه سواء كانت معمارية هندسية أو شخصية ملامحية فى تلخيص هائل وفريد ربما كان رمزه الكبير فى عمل ماهر هو ذلك الشنب الذى نحته من الطين ثم نفذه من الزجاج الشفاف الذى يأخذنا حين نتأمله إلى ماض بعيد. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع