لا أقصد اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة تحديدا، ولكن توافقات محاسن الصدف قادتنى إلى مطالعة صورة حرضتنى على مناقشة ظاهرة عامة رغم أن بطل تلك الصورة كان اللواء أحمد راشد بالذات، وعكست الصورة مشهد جولة تفقدية للمحافظ، وبداية فإننى أحيى أى مسئول يترك مكتبه ويعتمد أسلوب الجولات الميدانية فى استكشاف اهتمام الناس أو مشكلاتهم أو معاناتهم، ولكن إلى جوار هذا فإننى لم أرتح لشكل الزفة التى تحوط المحافظ من موظفين ومسئولين من الدرجة الثالثة إلى العاشرة، ورجال أمن، وإعلاميين، وهى جزء من مشهد تقليدى يتكرر فى جولات كل محافظ أو مسئول، ولكن الصدفة هى التى أوقعت صورة محافظ الجيزة فى يدي، لقد صارت تلك (الزفة) مشهدا يكرس فكر وفقه البيروقراطية الذى يتصور أن إظهار الولاء للمحافظ يتقدم على بساطة وإنسانية وعملية أى ظهور له.. صحيح أن المحافظ ممثل رئيس الجمهورية فى الإقليم الذى يديره، ولكن من الذى قال إن الرئيس يفعل ذلك (إلا فى الحدود التى يتطلبها أمن رئيس الجمهورية أو تقتضيها مخاطبة ممثلى الإعلام فى بعض المناسبات)، وحين يمضى الرئيس فى تفقد حُر فى الشوارع أو المدن فإنه يخترق كل اعتبارات رئاسية مع الناس، وهكذا رأيته فى أسوان فى أثناء أحد مؤتمرات الشباب حين احتضن سيدة عجوزا فقيرة واستمع إليها وأجابها كذلك.. لقد رأيت رؤساء وزارات وزعماء أحزاب فى انتخابات بريطانية يجوبون أماكن تجمع الناس فى الانتخابات بالقميص والبنطال، ويستمعون إليهم ويطرقون أبواب منازلهم، على نحو ليس انتخابيا فقط، ولكنه يتوخى البساطة ويعترف بحق الناس.. تلك الزفة التى تحوط أى مسئول فى مصر تجرح مفهوم (حق الناس) وتعزل المسئول حتى وإن لم يسع إلى تلك العزلة، ومادمنا نخطو نحو مرحلة جديدة بدايتها حركة المحافظين الشاملة الفائتة فأنا أتصور أن أسلوبا جديدا فى العمل ينبغى أن يمارسه كل مسئول محلى فيها، وعلى رأس ذلك ذوبان وضرورة اختفاء تلك الزفة وما يصاحبها من مظاهر خبط ورقع أبواب السيارات، وأصوات السراين وارتداء النظارات (الأوكليز) السوداء، والتحديج فى الغلابة والبحلقة المستمرة على نحو يستشيط غضبا دون مبرر. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع