انتبه جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية إلى أن هناك محاولة لانتهاك الإجراءات واجبة الاتباع من أكبر شركتين فى مجال التاكسى، أوبر وكريم، من خلال سعيهما إلى الاندماج معا، وهو ما من شأنه أن يحدّ من المنافسة ويضرّ بالمستهلكين! فأما تحذير الجهاز للشركتين، وتذكيرهما بأن الغرامة فادحة قد تصل إلى نحو 500 مليون جنيه، فهو خطوة مقدرة، لأنها تُعبِّر عن استفاقة ضرورية، بعد فترة تكررت فيها عمليات اندماج ضخمة تسبَّبت فى أضرار لعموم المواطنين، ولكنها مرّت فى صمت، برغم أنها سمحت، فى بعض الحالات، لعدد من معامل التحاليل الطبية ذائعة الصيت بأن تفرض سطوتها على السوق، بأن تندمج عملياً فى كيان واحد عملاق، ووصلت تجاوزاتها إلى حد عدم الافصاح، بما يُدخِل الغش على ملايين العملاء وكأن الكيانات السابقة لا تزال كما كانت، بالإبقاء على أسمائها القديمة مشهرة على كل الفروع وفى الإعلانات المكثفة، بما يوحى بالتعددية والمنافسة، فى حين أنها جميعاً صارت لهيئة مالكة واحدة تحت إدارة واحدة، تفرض قواعد »البيزنس الرشيد« لتوحيد معاملها وآليات عملها..إلخ، بما ينفى أى احتمال للتعددية، وبما يوقع بملايين العملاء فى سلة واحدة وهم يتوهمون شيئاً آخر. ومع انتشار الكيان الجديد بطول البلاد وعرضها، تمكن من احتواء الأغلبية الساحقة من المتعاملين، بينما لا يهتم المحتكرون سوى بالأرباح الخرافية المتراكمة. الحقيقة أننا فى حاجة لحملات مكثفة للتوعية بالمخاطر الضخمة التى تنجم عن الاحتكار، خاصة أن البعض يروِّجون لمغالطات فى الاتجاه المضاد، بزعمهم أن حرية المستثمرين مطلقة، وأن تدخل الدولة يدفع المستثمرين إلى الفرار خارج البلاد..إلخ! والغريب أن هؤلاء يعلمون قبل غيرهم أن دول الاقتصاد الحر هى التى سبقت بإدراك المخاطر الضخمة للتهاون مع الاحتكار، وأنها هى التى وضعت الأسس الرادعة والعقابية للممارسات الاحتكارية، لتحمى مجتمعاتها من أن يتمكن المحتكرون، فى غياب المنافسة، من التحكم فى الأسعار ورفعها بإرادتهم، وعدم الاهتمام بجودة منتجاتهم وخدماتهم، وكذلك وأد إمكانية ظهور مستثمرين جدد من أجيال صاعدة تزيد من حيوية المجتمع بأفكارها الجديدة..إلخ. لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب