كل الشواهد تشير إلى أن الأمور إذا سارت على نفس نسقها الحالى فى المستوى الطبقي، فإن احتمال احتكاك اجتماعى يظل واردا على أى مستوى من مستوياته، وأنا لا أشير فيها لفكرة المساواة بين الطبقات، ولا أطرح سطورى من منظور شيوعى أو ناصري، ولكننى أعالج الوضع الاجتماعى والطبقى من منظور رأسمالى بحت، إنما الرأسمالية الرحيمة التى تعترف بحق المجتمع وتقر الحقوق الوطنية حين يمر البلد بظرف أزمة استثنائي، إذ يفرض مثل ذلك الوضع قيام الأثرياء أو إلزامنا للأغنياء بدفع ما يتجاوز دفع الضرائب سواء الضريبة العادية أو التصاعدية التى يضعون فى طريقها مئات العقبات والعراقيل، وكأن الدول التى طبقتها مثل بريطانيا أو بلاد إسكندنافيا تحكمها إدارات حمقاء لا تعرف مصالح الطبقة الرأسمالية ولا تراعيها. وبعيدا عن الطريقة والأساليب التى كونت بها الرأسمالية المصرية الجديدة ثرواتها، وبعيدا كذلك عن طرق الإنفاق المستفزة والخيالية لتلك الطبقة، وبعيدا عن عدم مشاركة الجزء الأكبر والأهم من تلك الطبقة فى نشاطات إنتاجية ترتبط بالأهداف القومية، فإن نظرة واجبة على بعض الأسعار التى تُعلن فى مصر ويتداولها الناس على سبيل التندر والسخرية شديدة المرارة، تدلنا على حقول الألغام الاجتماعية التى تحتل الآن مساحة واسعة فى الفضاء الطبقى فى بلادنا، ومنها سعر غرفة سفرة إيطالية مستوردة (عندى صورها) مطعمة بالذهب ويطرحها أحد محال المهندسين بسبعمائة وخمسين ألف جنيه (يعنى مليونا إلا ربع المليون) وهو أمر يثير الناس إلى أقصى حد، وكذلك أسعار الوحدات العقارية حين يبلغ ثمن شقة فى سان استيفانو بالإسكندرية 70مليون جنيه, وحيث يصل سعر الوحدات المطروحة للبيع فى إحدى المناطق الساحلية الجديدة 65 مليون جنيه، هذه أرقام تجرح كبرياء أى أب مصرى أمام تساؤلات أبنائه (لماذا لا تستطيع شراء هذه الأشياء مثل الذين يشترونها). إن عشرات الملايين من المصريين استماتوا طوال حياتهم عملا وتعليما وتحلوا بالالتزام الأخلاقى والوطنى, ولكنهم لا يجرؤون على مجرد التفكير فى مثل تلك الأرقام، وهى على رأى أحد أصدقاء العمر من رجال الأعمال ولكن المحترمين تدل على أنه رغم تعبنا وشقائنا وعلمنا ودراستنا يبدو أننا كنا نتشعلق فى أوتوبيس غلط. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع