* اجتماع سنوى لوزراء الخارجية للمرة الثالثة بعد فترة توقف يعتبر السفير ناصر كامل الأمين العام الجديد للاتحاد من أجل المتوسط واحدا من أفضل الدبلوماسيين المصريين، حيث عمل سفيرا لمصر فى كل من فرنسا والمملكة المتحدة، وفى أول حديث له لصحيفة مصرية أكد كامل أن القضية الفلسطينية والربيع العربى أثرا بالسلب على المسار السياسى للاتحاد، معترفا بأن المسار السياسى ليس فى طليعة أنشطة الاتحاد الذى يركز على الجذور الحقيقية للمشكلات التى أدت لخلافات سياسية. وأوضح أن القمة التى دعا لها أخيرا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ليست قمة للاتحاد من أجل المتوسط ولكنها لا تتعارض معه، مشيرا إلى وجود اهتمام من الاتحاد بعدة قضايا اجتماعية ومنها تمكين المرأة، خاصة مع وجود إرادة سياسية لدى رؤساء مصر وعدد من دول المنطقة لتحقيق هذا الهدف. وحول اعتبار البعض أن الاتحاد من أجل المتوسط كان فكرة جيدة ولكنها لم تحقق كل أهدافها وأن القضية الفلسطينية كانت هى المعوق الرئيسي، قال ناصر إن هذا الكلام يحمل قدرا من الصحة فى جانب، وقدرا آخر من عدم معرفة حجم الدور الذى تقوم به المنظمة فى الوقت الحالى من جانب آخر، لكن بلا شك، فإن وجود عدد من القضايا الإقليمية وعلى رأسها الصراع العربى - الإسرائيلي، وكذلك ما يحدث فى سوريا وليبيا، وأيضا الخلافات بين عدد من الدول الأعضاء، كل ذلك يؤثر بشكل خاص على ما يتصل بالمسار السياسى للاتحاد، ولهذا اختارت الدول الأعضاء أن تركز فى أنشطتها على مجالات تحظى بدعم و قدر من التوافق، وهى مجالات التنمية المستدامة مثل التنمية الاقتصادية وتنمية التجارة والتعاون فى مجال الطاقة ومعالجة الآثار السلبية لظاهرة تغير المناخ، كذلك التعاون فيما يتصل بالتنمية البشرية، وقد نجح أحد البرامج التى يرعاها الاتحاد فى إيجاد 37 ألف وظيفة فى مصر فقط، وهو برنامج «إنجاز» وهو برنامج عربى متوسطى يشمل ست دول عربية، وبالتالي، فإنه وبصرف النظر عن الخلافات السياسية التى تموج بها المنطقة فهناك اتفاق بين دولها على حد أدنى من التعاون والتكامل الإقليمي. وفيما يخص الهدف من اجتماع سنوى لوزراء الخارجية، أشار ناصر إلى أن الاتحاد من أجل المتوسط تم إطلاقه فى قمة باريس فى 2008، وأنشئت الأمانة العامة فى 2010، وبعدها انفجر الربيع العربى بكل تداعياته الكارثية على المنطقة، وأدى ذلك لتعطيل المسار السياسى وعدم انعقاد وزراء الخارحية لسنوات، وقد اجتمع وزراء الخارحية للمرة الثالثة فى 8 أكتوبر الحالى فى برشلونة فى غضون ثلاث سنوات ونصف، وتم الاتفاق على عودة وتيرة اجتماعات وزراء الخارحية بشكل سنوي. وتوضيحا لدعوة ماكرون لعقد قمة فى مارسيليا الصيف المقبل لبحث مسار الاتحاد، خاصة أن فكرة الاتحاد أصلا فرنسية أطلقها الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، قال السفير إنها ليست قمة للاتحاد، بل هى قمة أطلق عليها قمة ضفتى الاتحاد، ولا أريد الدخول فى تفاصيلها، ولكنها تتكامل ولا تتعارض مع الاتحاد من أجل المتوسط، ولها نطاق جغرافى محدد يدخل تماما فى أولويات الاتحاد الذى يدعم ويتعاون مع كل المبادرات الإقليمية ودون الإقليمية، وبالتالي، فإن ما يفكر فيه الفرنسيون يندرج تحت هذا البند، ولا يمثل بأى حال من الأحوال إطارا موازيا، وستضع الحكومة الفرنسية الاتحاد فى قلب عملية الإعداد لهذه القمة. وحول الهدف من مبادرة التوظيف التى أطلقها الاتحاد من أجل المتوسط أخيرا، قال إن مبادرة المتوسط من أجل الوظائف تضم 13 مشروعا مختلفا منهم مشروع رائد اسمه إنجاز العرب الذى خلق بمفرده 37 ألف وظيفة فى مصر، كما خلق حوالى 90 ألف وظيفة فى البلدان الرئيسية التى يعمل بها، وتضم المبادرة المؤسسات الصناعية والتجارية ومؤسسات التوظيف وتنمية المهارات والتعليم، والمجتمع المدنى والهدف هو خلق علاقة بين أصحاب العمل والباحثين عن العمل وإعداد الشباب ليكونوا أكثر استجابة لمتطلبات سوق العمل فى السنوات المقبلة وخلق منصات إلكترونية وإعلانية تربط بين طالبي الوظيفة والباحثين عنها ونقل التجارب الناجحة بين ضفتى المتوسط، مع ملاحظة أن هناك دولا أوروبية تصل نسبة البطالة فيها للشباب إلى أكثر من 30%، إذن القضية أكثر عمقا وموجودة لدى الشمال والجنوب. وعن دور الاتحاد فى تخفيف مشكلة الهجرة والمهاجرين والتى تشكو منها الدول الأوروبية، أشار إلى أن دول الجنوب أيضا تعانى قضية الهجرة، ونحن دول عبور، وعدد اللاجئين فى دول الجنوب أكثر بكثير من دول الشمال المتوسطى والاتحاد الأوروبي، ويوجد فى ثلاث دول عربية فقط وهى لبنانوالأردن ومصر ملايين من المهاجرين، ومصر مثلا كانت من الكرم لدرجة أنها لم تضع المهاجرين فى معسكرات منفصلة وسمحت لهم بالاندماج الكامل فى المجتمع، وكذلك فى الأردنولبنان، هذه قضية يصل فيها حجم الاحتداد والخلاف بين دول الشمال فيما بينها وكذلك بين الشمال والجنوب، مما يجعلنا فى الاتحاد من أجل المتوسط نقترب من هذه المشكلة بمقاربة تحظى بتوافق، حيث نعمل على المنظور التنموي. أما عن دور الاتحاد فى مكافحة الفكر المتطرف والإرهاب، أوضح أن لديهم مشروعا لتدريب فتياتنا وأمهاتنا فى مجال مكافحة الفكر المتطرف وكيفية أن يكونوا هم حائط الصد الأول، وهم بصدد عمل دراسة ميدانية فى عدد من دول المنطقة لنصل إلى المؤشرات فيما يتصل بأسباب انحراف بعض شبابنا إلى هذا الفكر تمهيدا لاستخدام هذه الدراسة لتصميم برامج بالتعاون مع الدول الأعضاء لنشر ثقافة التسامح. وعن قضية تمكين المرأة وعدم وجود تأثير قوى حتى الآن فى تغير التقاليد خاصة فى دول الجنوب، قال إننا لو وصلنا لنسب تشغيل المرأة مثل الرجل سيزيد دخلنا القومى بنسبة 50%، وبالتالي، فإن عقد مؤتمرات تمكين المرأة سيؤدى لزيادة إدراك مجتمعاتنا للدور المحورى للمرأة، وما يساعدنا فى تحقيق هذه الأهداف هو أن لدينا فى مصر الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى يدرك تماما أهمية دور المرأة، وقد اختار عام 2017 عاما للمرأة، ولدينا عدد كبير من الوزيرات وعدد من النساء فى المجالس المنتخبة فى مصر، والأمر ذاته ينطبق على الاْردن وتونس والمغرب فهناك إرادة سياسية، ونحن نبحث عن البرامج الأكثر فاعلية وننقل التجارب الناجحة من دولة لأخرى وندعم برامج بعينها لها تأثير كنموذج يحتذى به فى دول أخري، ولكن المشوار لا يزال طويلا. وحول أهم أولوياته كأمين عام جديد للاتحاد من أجل المتوسط، قال إنه يفكر فى فتح مجالات جديدة مثل السياحة، وبخاصة السياحة المستدامة، وبحث كيفية مساعدة دولنا على أن يكون لديها قطاع ناشط ومستمر وغير ضار بالبيئة. وبالنسبة للمعوقات، فلا يوجد عمل دون معوقات، وأشعر بالفخر بأننا مجموعة من المتوسطين نعمل بروح الفريق الواحد فى الاتحاد، ونؤمن بأننا نمثل كيانا له خصائص وثقافة مشتركة ولديه مصير واحد.