من أكثر الأمور التى أكرهها وتعافها نفسى مقارنة أوضاع مصر بدول أخرى، فالمقارنة لا تكون إلا بين وحدات متكافئة، ولكن حين يكون الأمر متعلقا بإسرائيل فالمسألة مختلفة فتلك دولة بيننا وبينها صراع حضارى حتى لو توقف القتال معها باتفاق سلام، وهى دولة تقع على حدودنا مباشرة، وبالتالى فإن المقارنة واردة حتى بالنظر إلى الموقع الجغراقى وحقيقة التجاور، ومن هنا فإننى أنظر إلى تصريحات المسئولين الإسرائيليين التى تترى عن نجاحاتهم فى تدوير مياه الصرف وإعادة استخدامها فى الرى وغيره من الأغراض، وبحيث وصلت إسرائيل إلى تدوير 90% من مياه الصرف وهى أعلى نسبة عالمية تأتى بعدها فى المرتبة الثانية إسبانيا التى وصلت إلى 70%، الأمر الثانى هو نجاح إسرائيل فيما يسمى «الزراعة الدقيقة» عن طريق الرى بالتنقيط والتسميد بالتنقيط الذى يتمكن فيه المزارعون من إعطاء كل شجرة ما تحتاجه بالضبط من الماء والسماد.. ونحن فى مصر ينبغى أن يكون لدينا هذا اللون من التقدم فنحن البلد الذى اخترع الزراعة، ثم إننا بلد يحتاج وفقا للظرف الموضوعى الحالى والقادم إلى ترشيد استهلاكه للمياه، وإيجاد موارد مائية بديلة، ومن ثم فنحن فى أمس الاحتياج إلى إعادة تدوير مياه الصرف، وكنت سابقا أطالب بتدوير مياه الصرف وإعادة استخدامها فى رى الحدائق والمساحات الخضراء، وحين أطرح هذا الموضوع أريد أن يتحول إلى نمط سائد وليس حالات متفرقة، وهكذا الحال فيما يتعلق فى التحكم الرقمى فى الرى بالتنقيط والتسميد بالتنقيط إذ ليس المهم نجاحنا فى عدة رقع زراعية، ولكننى أبحث عن النجاح فى كل المساحات الخضراء فى مصر.. لقد لفتنى كلام الرئيس السيسى قبل أن يصير رئيسا عن حلمه (بالريف المصرى) الجديد الذى يتحرك نحو إقامته، وقطعا كانت هذه الطرق الحديثة فى الزراعة جزءا منه، ولكننى لاحظت أيضا أن ذلك المشروع/الحلم يسير بمعدلات أبطأ من باقى المشروعات القمية العملاقة، وقد أشار الرئيس لا بل وشكا من ذلك فى عدة مداخلات بمؤتمرات الشباب، وأرى أن المشروعات المتعلقة بالزراعة وبالتوطين فى أماكن التوسع الزراعى الجديد لها أولوية قصوى فى الاحتياج المصرى الحالى حتى نحافظ على شهرتنا التاريخية فى الزراعة، وهى جزء أساسى من القوة السياسية للدولة. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع