من يعرف حجم الأخطار التى تملأ المشهد الدولى والإقليمى وتعصف بالمنطقة العربية يدرك أهمية زيارة الرئيس لروسيا وتحقيق شراكة استراتيجية على جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية ورفع العلاقات إلى أعلى مستوياتها وأهمية توثيق الروابط مع القوى الدولية التى تشارك فى إدارة المنظومة الكونية تضع نهاية لسيطرة وتنطع قوة واحدة تحاول استكمال مخططات العنف والفوضى الخلاقة وتمكين العدو الصهيونى مما لم يستطع تحقيقه بسبب الانتصار العظيم للجيش والشعب المصرى فى السادس من أكتوبر، ما يمتلئ به المشهد الكونى من استقواء وإهدار للقيم والأعراف الإنسانية والقوانين الدولية وسيادة الشعوب والدول الوطنية وتوحش وسيطرة لأطماع ومصالح شيطانية حولت المنطقة ودولها إلى ساحات صراع ومزارع للإرهاب والموت يثمن قيمة دعم وتوثيق الروابط مع دول صديقة عبر خمسة وسبعين عاما تجلت مصداقيتها ومواقفها فى كثير من الأزمات التى مرت بمصر وفى مشروعاتنا القومية الكبرى وتأكد دائما إدراكه لقيمة ومكانة مصر وتاريخها وحضارتها وما تمثله كقلب نابض لأمتها واحتراما لرئيسها وثورتها التى كانت روسيا فى مقدمة من بادروا إلى دعمها والاعتراف بها. هل هناك شك أن ما تحققه مصر من نجاحات خارجية يستند فى مقدمة ما يستند إليه سلامة واستقرار منظومة الحياة داخلها وترشيد وحسن إدارة وتعظيم ما تمتلك من إمكانات ورءوس أموال طبيعية وبشرية خاصة ما يرتبط بالأمن القومى والحيوى والصحى والغذائى المتمثل فى الزراعة وتوفير محاصيلنا الأساسية وفى مقدمتها القمح وإدراك القادم وبأسرع مما نتوقع من متغيرات لما تبقى من أراض صالحة للزراعة وما تحتاج إليه من مياه للرى.. هل نتناول بجدية ما أعلنه الخبراء فى أسبوع القاهرة للمياه أن سد النهضة سيخفض الإنتاج الزراعى لمصر والسودان بما يعادل 42 مليار دولار وأن بدء التخزين سيخفض حصة مصر من مياه النيل ويوقف توربينات السد العالى!! ما هى خططنا لمواجهة النقص المائى وهل آن الأوان أن نحترم ما لدينا من علماء وخبراء وأبحاث ودراسات تمتلئ بها مراكز الأبحاث والجامعات وكانت تسرقها جامعات العدو الصهيونى وتستفيد بها وأثق من خلال خبراتى فى الكتابة عنها لسنوات طويلة أنها تستطيع أن تتصدى للأزمات المقبلة وتشارك فى تخفيف آثارها. وفى مئات المقالات كتبت وكتب زملاء آخرون ومن خلال أبحاث وتجارب عشرات العلماء أثبت إمكانية الوصول إلى حدود الاكتفاء الذاتى فى محاصيلنا الأساسية وعلى رأسها القمح. لقد وقفت منذ أيام ببالغ الدهشة أمام خبر نشرته صحيفة الدستور 16 الحالى جاء فيه «قال مسئول مطلع على ملف القمح أمس أن الحكومة تتفاوض مع بنوك خارجية للتحوط من ارتفاع أسعار القمح عالميا، وأضاف المسئول لوكالة رويترز أن مصر تتفاوض مع بنوك خارجية فى هذا الأمر، فيما قال مصدر حكومى آخر أن مصر فى المراحل المبكرة من محادثات مع بنوك أجنبية بشأن خطة للتحوط من ارتفاع أسعار السلع العالمية! انتهى الخبر الذى لو كان صحيحا لكنا أمام أزمة أكبر من أننا نتصدر قوائم مستوردى القمح إلى ما سيترتب على ما أكده الخبراء أن المخاطر العالمية التى يشهدها الإنتاج الزراعى والمتغيرات المناخية ستنعكس بآثار خطيرة على الدول التى تعتمد على استيراد غذائها.. أيضا أكد مدير مركز معلومات المناخ أن قطاع الزراعة الأكثر تضررا من المتغيرات المناخية لأنه الأكثر هشاشة وضعفا!! هل نحتاج إلى ديون جديدة لمواجهة الارتفاع المحتمل لأسعاره وماذا لو توفرت الأموال وأدى تغير الأحوال المناخية إلى عدم توافر كميات القمح التى نحتاج إليها باعتبار كل دولة ستكفى أبناءها أولا.. ألا تفرض هذه الأخطار والتهديدات أن نستثمر ما لدينا من علم وخبراء ومراكز أبحاث ودراسات وكليات متخصصة.. بين أوراق تبقت لدى من ملف الزراعة وبعد لقاء شرفت به مع طلبة مركز بحوث ودراسات الهندسة الوراثية بكلية الزراعة جاءتنى دعوة من أ.د. أحمد الشرقاوى مدير المركز فى 5/5/2015 لأتناول فى مقال مشروعا بعنوان «استغلال مياه البحر فى إقامة مشاريع زراعية صناعية متكاملة تحت إشراف أ.د. محمد عبدالعزيز أستاذ الإنتاج الحيوانى بزراعة القاهرة.. نموذج من مئات النماذج وآلاف الأبحاث والدراسات التى كان يمكن أن يحقق تطبيقها انجازات ومعجزات لا تضعنا على خطوط خطر الأمن الحيوى والغذائى.. لا أعرف ما حققته وزارات الزراعة التى جاءات بعد خروج المصريين فى 30/6 لاسترداد ثورتهم والتى كان يجب أن يكون تفعيل هذه الأبحاث والدراسات والاقتراب من حدود الاكتفاء فى محاصيلنا الأساسية وعلى رأسها القمح فى مقدمة أهدافها، ولا أعرف أين وصلت تحقيقات النائب العام فيما تكشف من قضايا الفساد فى تخزين وصوامع القمح ومافيا الاستيراد وأدعو رئيس الوزراء د.مصطفى مدبولى بما ألاحظه من محاولات جادة لتناول وحل ما تراكم من مشكلات بالغة الخطورة أن يضع إنقاذ الفلاح والأرض والزراعة والأمن الحيوى والغذائى على رأسها وأن يتوجه بنداء عاجل لمراكز أبحاثنا وعلماء وخبراء الزراعة فى مركز البحوث الزراعية وفى جامعاتنا الذين تتوفر لديهم دراسات وأبحاث تطبيقية تلائم ظروف ومتغيرات الأرض والمياه والمناخ أن يسارعوا بتقديم ما لديهم إلى من يثق فى أمانتهم على تنفيذها واحترام ما فيها من علم وخطط ورؤى تحقق سرعة الإنقاذ.. للأسف ليس عندنا أكثر مما تم وأده وإهداره وتدميره من أبحاث وعلماء وإلا ما كانت الأرض والفلاح الذين علموا الدنيا الزراعة وكانوا سلة غذاء وأقماح العالم القديم وصلوا إلى ما وصلنا إليه الآن. أمام لقمة العيش والأمن الحيوى والقومى والغذائى لعشرات الملايين الذين لن يستطيعوا أن يشتروا رغيف العيش إذا ارتفعت الأسعار العالمية للقمح أو عصفت المتغيرات المناخية بالكميات الممكن استيرادها والمشكلات التى تعانيها الزراعة والأرض والفلاح وأزمات المياه المقبلة ألا تستحق ثورة خضراء جوهرها العلم والمعرفة والعلماء ،الخبراء المعنيين تتوج إنجازات دولة 30/6. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد