يتصرف البعض مع (الدولة) فى مصر كما لو كانت فكرة طارئة وحضورها عابر، وربما كان السبب فى ذلك الروح التى أشاعتها أحداث يناير 2011 وما أحاطها وتلاها من تحركات استهدفت معنى الدولة ومؤسساتها بالذات، بما داعب خيالات مريضة واهمة كثيرة وأعطاها إحساسا بأن إسقاط الدولة وارد وإضعافها يمنح جماعات المتآمرين عليها فضاءات وخلاءات واسعة رحبة للحركة وتنفيذ مخططات معادية مازالت تتواصل حتى الآن.. ولذلك أنا أحترم جدا المعنى الذى يكرره الخطاب الرئاسى فى مصر الآن عن استعادة هيبة الدولة. مصر صاحبة واحدة من أقدم وأعرق الدول فى العالم، وإذا واجه معنى الدولة خطر فإن علينا محاصرته وحساب الذين هددوا سلامة ذلك المعنى وتآمروا عليه، لهذا نطالب ونكرر أن محاسبة الذين حاولوا هدم الدولة فى يناير 2011 أمر واجب ،ليس بدافع الانتقام فقط، ولكن بداعى حماية المقدرات والمؤسسات الوطنية وهى التى بنيناها بالعرق والدم لعقود طويلة، لقد سمعنا عما يُسمى (القضية 250) وعلى لسان النائب العام الشهيد هشام بركات، ولكن أى حديث عن تلك القضية كان يقب ويغطس بحسب مقتضيات الأحداث الجارية من دون تواصل وبحيث صارت الأسماء التى تردد ورودها فى تلك القضية, وتعزز أوضاع المتورطين (افتراضا) فيها بمرور الوقت الذى يطمس تاريخ أيام كانت بلا تاريخ.. ماذا نُعلم أولادنا وأحفادنا؟ هل نلهم تلك الأجيال أن التآمر على الدولة هو خيار متاح لأى شخص بحسب مرارته التى يرى الدولة مسئولة عنها لطريقتها فى توزيع القيم والأهداف، وكذلك بحسب ما تقضاه من أموال تحت أى مسمى لتحقيق أهداف تدخل فى صلب عملية هدم الدولة التى رأينا أمثلتها تتكرر فى بلاد كثيرة حولنا وفقا لمخطط مدروس تنكشف وثائقه فى كل يوم؟، نحن لا نختلف مع أولئك فى موضوعات تحتمل تعدد وجهات النظر، ولا تخدعنا ستارات الدخان التى يطلقونها بالحديث عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية لإخفاء أغراضهم الفعلية.. الناس استنجدت بالجيش والتأمت حوله لأنه كان مؤسستها القادرة على حماية باقى المؤسسات التى حاق بها خطر عظيم.. لهذا نكرر ولن نمل التكرار (أن الشعب يريد الحساب) وأظن أن وقت الحساب قد جاء. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع