عادت الحياة أخيراً الى مسرح محمد عبدالوهاب الذى تبلغ مساحته 4 الاف متر فى قلب المدينة فى منطقة محطة الرمل على بعد خطوات من الميناء الشرقى ومسجد القائد ابراهيم. وهو ليس مجرد مسرح صيفى عاد الى الحياة بافتتاح أنيق شاركت فيه وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم والدكتور عبدالعزيز قنصوة محافظ الاسكندرية الأسبوع الماضى وإنما يمثل المسرح وقاعاته تاريخاً يُعبر عن المدينة والصراع عليها. ففى بداية القرن العشرين كانت أرض المسرح نفسها مملوكة للألمان وجاءت الحرب العالمية الثانية لتضع قواعد جديدة ليقوم صاحب الارض ببيعها الى السفارة الامريكية بالقاهرة عام 1947ٍ بحضور أحمد صديق باشا بصفته حارساً على اموال الألمان ليبدأ تأسيس المسرح فى الستينيات بعد استئجار الارض من السفارة الامريكية، ويبدأ انطلاق المسرح بصورته الحالية كمسرح صيفى عام 1968 بإشراف العملاق المسرحى سيد بدير ليتحول المسرح فى نهاية الستينيات والسبعينيات الى أيقونة للثقافة المصرية وقوتها الناعمة. فقد صدحت على خشبة المسرح وبين جنباته أصوات العظماء أمثال :عبدالحليم حافظ وشادية ومحمد رشدى وعبدالوهاب معلنين قيمة الموسيقى والثقافة ، وكانت حفلات أضواء المدينة الصيفية تعبير عن ريادة مصر الفنية فى الشرق الاوسط والتى نقلها أثير الإذاعة المصرية الى ربوع الوطن العربي. ولم تكن حقبة الثمانينيات أقل من الستينيات فكانت ريادة فرقة رضا للفنون الشعبية والتى انطلقت من خشبة المسرح إلى مسارح العالم كفرقة عالمية قدمت التراث والفلكور المصرى. وقد انتقلت ملكية المسرح الى وزارة الثقافة المصرية فى 1983 بالشراء من السفارة الامريكية برعاية وزير الثقافة المصرى انذاك محمد عبدالحميد رضوان والسفير الامريكى وبحضور الفنان محمد عبدالوهاب ليطلق اسم موسيقار الأجيال على المسرح. وتأتى التسعينيات ليكون المسرح شاهداً على المسرحيات الكوميدية لهنيدى وعلاء ولى الدين . وفى العقد الأول من الألفية الثانية ظهر قرار غريب بتحويل المسرح الى فندق ولكنه واجه رفضاً من الأوساط الثقافية ليظل المسرح شاهداً على التراث الثقافى المسرحى والفنى لمصر ومنتظرا لنهضة ثقافية وفنية حقيقية تحمل الحفاظ على الهوية المصرية من خلال الثقافة والفن. و هو ما أكدته الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة فى تصريح «للاهرام» على هامش الافتتاح أعلنت فيه الإعداد لمهرجان مسرح خاص بالإسكندرية تشارك فيه كافة المسارح التابعة للوزارة والتى عادت للعمل من جديد لنشر التنوير الثقافى والفنون مشيرة الى ان هذا المهرجان سيمثل تعبيرا حقيقيا عن قيمة الإسكندرية الفنية والثقافية والتى تمتلك البنية الفنية لاقامة المهرجانات من خلال المنصات الفنية والثقافية. ومن جانبه أكد الدكتور عبدالعزيز قنصوة أن الثقافة هى الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية والحفاظ على الهوية مشيراً الى أن الحفاظ على الهوية هى أحد التحديات الحقيقة التى تواجه الدولة المصرية ، معرباً عن سعادته بإعادة إفتتاح مسرح محمد عبدالوهاب مشيراً إلى أن المسرح يعد من الأعلام الثقافية للإسكندرية وإن افتتاحه يعكس السعى الدائم لإيجاد نوافذ تنويرية تنشر الوعى والثقافة فى أنحاء مصر . وأوضح الدكتور عادل عبده رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية أن مسرح محمد عبدالوهاب بالاسكندرية يُعد اضافة لمنظومة العمل الثقافى فى محافظات مصر ورافداً جديداً للتنوير فى مدينة الثغر، وشملت عملية تطويره الحفاظ على هويته المعمارية المميزة وتمت إعادة بناء خشبة المسرح بالكامل لتكون احد أكبر خشبات المسرح فى مصر.