كما كتبت من قبل لا أقرأ مزيدا عن حرب ونصر السادس من أكتوبر إلا وتكشف لى الجديد عن روعة ودقة وعلمية واتقان وحساب أدق وأغرب التفاصيل لتحقيق الانتصار.. كانت معجزة مقاتلين احترفوا صناعة النصر سبقتها مشيئة إلهية لا تضيع أجر من أحسن وأتقن وأخلص عملا.. ولكن عظمت ودعمت بمهارات واستعدادات قتالية أسقطت الحصون والإجراءات المنيعة بل والمستحيلة كما وصفها العدو الذى مازال لم يتخلص من صدمة ما حدث فى السادس من أكتوبر ولا يتوقف عن بحثه عن أدق أسراره وكيف لا يفعلها المصريون مرة أخري. ومنذ أيام قليلة وفى ذكرى ما أطلقوا عليه معاهدة كامب ديفيد عاد رئيس وزرائهم يتذكر هول الضربة التى تلقوها وكيف كبدتهم حرب أكتوبر آلاف القتلى ويحاول أن يختصر معجزة النصر والمقاتلين وملحمة عبور قناة ملغمة بالنابالم وتحطيم خط بارليف فى أخطاء مخابراتهم ويتجاهل حقائق دامغة وموثقة عما فعله المصريون ليحققوا نصرهم، والوثائق والشهادات وتصريحات كبار المحللين العسكريين متاحة ولا سبيل إلى ما اعتاده هذا الكيان من أكاذيب وادعاءات وتزوير وتزييف للحقائق. مازالت الهزيمة هاجسا يؤرقهم ولا ينسونه أبدا وتصل شطحات بعضهم إلى محاولة إنكاره ولا يكفون عن بحث أسباب ما حققه المصريون رغم ما كان بين أيديهم من سلاح متقدم ودعم أمريكى والسؤال الذى يشغلني.. هل بحثنا نحن وتدارسنا بجدية كيف نحافظ على مقومات النصر وكيف تظل المقومات والأسباب التى كانت وراء هذا النصر حية تشارك فى بناء قوة الشخصية المصرية من خلال امتلاكهم كل ما صنع به آباؤهم وأجدادهم حلقات انتصارهم التى توجت بنصر أكتوبر ثم خروجهم بالملايين لاسترداد ثورتهم فى 30/6 خاصة أن الحرب لم تنته.. فقط تبدلت الأقنعة والأسلحة والسيناريوهات وظل إسقاط مصر يمثل الجائزة الكبرى كما أطلقوا عليه فى مخططاتهم للعنف والفوضى الخلاقة التى تريد فى النهاية تقسيم المنطقة لمصلحة إسرائيل وليحققوا بالسلام المدعى مالم يحققوه فى 73 فى تحذير للقائد الكبير عبدالمنعم رياض أن الصهاينة سيحاربوننا بالحرب وبالسلام أيضا!!. مازلت أذكر كيف توحد الشعب المصرى فى أثناء حرب الاستنزاف لتتوجه جميع إمكانات الدولة لإنجاز المعركة التى كان يتطلع إليها كل مصرى وكيف أديرت الحياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا لمصلحتها ولم تتحول إلى هذا الكل الممزق الذى نشهده الآن!!. هل اللاهون والعابثون واللاعبون بالمليارات على شواطئ التفاهة والانحلال يدركون أن هناك من سلالة أبطال أكتوبر أجيالا جديدة من المقاتلين عادوا إلى سيناء من أجل تحريرها من الإرهاب الذى زرع فيها أحد أقنعته وأذرع الحروب الجديدة وأنه على جميع حدود مصر المترامية أسود رابضة تقاتل متربصين وكارهين ومتآمرين وتجار مخدرات وأسلحة؟!!. هل السقوط والاضمحلال الأخلاقى والاجتماعى والاقتصادى يسمح بنشأة وبناء أجيال تعرف معنى الوطن والمواطنة والعزة والكرامة الوطنية؟!. كيف يرتفع سفهاء ويفقد كثير من أصحاب القيم والفكر المحترم مكانتهم؟! وهل أعطينا العلم والعلماء ما يمكنهم من حل مشاكل بلدهم.. ولماذا يشكو كثير منهم الازدراء والإهمال الذى نعامل به ثمار عقولهم؟! وهل إذا كانت مؤسساتنا تدار بعلم وخبرات حقيقية كانت شركة مثل القومية للأسمنت تصفى بعد 62 عاما وتصل خسائرها وديونها إلى المليارات.. ألم تكن قدرات الصناعات الوطنية من أسلحة انتصارنا هذا لا ينفى تطورا وتحديثا للمصانع العامة رغم خسائر ونكسات كبيرة لصناعات لها تاريخها 2٫7 مليار جنيه خسائر شركات الغزل والنسيج، 27 مليار جنيه قيمة بيع 14 محلجا قديما كم سيكون ثمن الجديد؟! 100 مليار جنيه قيمة أصول غير مستغلة!! كيف تنتصر أمة لا تحسن اختيار من يدير مؤسساتها وقلاعها الإنتاجية وثرواتها الصناعية والزراعية ولا يتم حساب من قصروا وأهملوا؟! هل ازدهار الاستثمار يعنى أن يتاح لكل من يريد ويملك أن يشترى حتى لو اشترى ما يمثل نقاط ارتكاز لأمن قومى وحيوى وصحي، لمن بيعت أغلب مستشفياتنا الكبرى ومعامل التحاليل وهل هناك رقابة وطنية تحفظ للمواطن أمنه الصحى وخدمات تتوافر لها مستويات الجودة وأسعار تحترم قدراته المادية وتحميه من أن يتحول أمنه وحقوقه الصحية إلى مشروع استثماري!! خاصة أن المستشفيات الحكومية لا تستطيع استيعاب النسب المخيفة من انتشار الأمراض الخطيرة. هل هناك تناقض بين الانضباط والالتزام والحريات المسئولة وحق التعبير والاختلاف ودون تهديد أو وعيد؟! مازلت أذكر ما حدث قبل حرب 73 عندما بدا للبعض أن هناك تسويفا من القيادة فى استرداد الأرض وانفجار موجات غضب من الشباب ونقدا ولوما واتهامات ولكن أبدا لم تتحول إلى شتائم وتطاول وسخائم غريبة على اللسان والأخلاق المصرية!!. كان عبور 1973 ملحمة عظيمة ونقطة فاصلة فى تاريخ مصر والمنطقة والعالم.. وللأسف توالت بعده انكسارات وانهيارات وضرب لأغلب القيم والمقومات التى قادت إلى النصر وأنجزت العبور.إذا كنا اليوم نعيش محاولة عبور جديد يجب أن نلتفت إلى معالجة وتضميد وإزالة آثار سنوات من الفساد والإفساد تحول إلى عمل مؤسسى لإدارة الدولة واحتكار الثروة والسلطة والنفوذ والتمييز وكل ما أصاب فى مقتل جوانب أصيلة فى الشخصية المصرية. وللأسف الكثير منها يتواصل بل ويتضخم ويتحدى صبر واحتمال وصمود الملايين من الأرصدة والظهير الشعبى الحقيقى للدولة الذين لا تتحقق الإنجازات والنجاحات والانتصارات إلا بهم. كيف قطعت معاشات متواضعة لا تتجاوز 300 جنيه شهريا لمئات الأرامل واليتامى فى بورسعيد.. ما هى الدراسات التى أكدت للتضامن أن بورسعيد تجاوزت نسب الفقر؟! هل أصبح القياس على نسب الأغنياء؟! وما هذا التناقض من توفير الرعاية للأكثر احتياجا وقطع معاشات بهذا التواضع لمئات الأكثر تواضعا ومعاناة واحتياجا لهذه المبالغ التى لا تذكر وسط سفه الإنفاق!!. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد