كان خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الأممالمتحدة وثيقة إدانة لعجز المنظمة الدولية وجرائم قوى الاستعمار الجديد التى ورثت الاستعمار القديم وتفوقت عليه وصنعت له وجوها جديدة أكثر نذالة وإجراما وقدرة على التدمير والاجتياح والتفتيت للدولة الوطنية والشعوب.. وإن ظل فى رأيى أن المسئولية الأولي، خاصة فى عالمنا العربى لبعض أنظمة الحكم التى سمحت بتسليم إرادتها وقرارها أو جعلت الاستبداد بشعوبها بوابة ملكية لتمكينهم من تحقيق أطماعهم ومصالحهم ومخططاتهم وخدامهم من دول ودويلات وجماعات إرهابية. أرجو أن تنجح محاولات ودعوات رئيس الوزراء فى اقتراب حقيقى من المواطن وأثق أن كل صاحب ضمير وحس إنسانى لابد أن يدرك حجم معاناة الملايين من القاعدة العريضة من المصريين، ما بالك إذا كان مسئولا؟! وأشرت الأسبوع الماضى إلى توجيهاته المهمة للمحافظين فى اجتماعه بهم فى 16/9 التى شدد فى مقدمتها على ضرورة استمرار التواصل مع المواطنين والاستماع إلى مطالبهم ومشكلاتهم والعمل على حلها مع تحديد مواعيد دورية لمقابلتهم والاستماع إليهم.. ثم هناك جولاته الميدانية التى بدأها فى أسيوط وفى نهاية الأسبوع الماضى فى سوهاج.. وفى الحالتين.. لقاء المواطنين والاستماع إليهم والزيارات الميدانية يجب أن تتوافر فيها المصداقية وألا تعد وتجهز بمواطنين يتم اختيارهم ويتم استبعاد غير المرغوب فيهم، وأيضا أن تتوافر للزيارات قدرة رؤية الواقع بلا تجميل أو تزويق كما اعتدنا حتى فى غسل الشوارع ورص أصص الزرع وإخفاء المناطق التى تمثل بؤرا صديدية للإهمال بلافتات وسواتر من أقمشة الخيامية! إلى جانب ما لا ينكر أهميته هناك الأكثر أهمية لدى المواطن وهو رغبته فى أن يعرف ويفهم ما وراء ما يتخذ من قرارات مصيرية، خاصة إذا كانت تتعلق بمصيره وأولاده وحاضره ومستقبله، على سبيل المثال إعلان إنقاذ شركات قطاع الأعمال العام بالبيع أو بالطرح فى البورصة!! كيف يقرؤه أو يفهمه المواطن، وهل له علاقة بالأوضاع الاقتصادية، وأليست هذه الصروح الصناعية التى يباع بعضها خردة بمليارات وأيضا أصولها بمليارات أخري، أليست ملكا له؟!! ومن أوصلها إلى ما وصلت إليه؟!! منذ أن قام المصريون بثورتهم فى 30/6 هل ظل قطاع الأعمال بلا وزراء والشركات بلا مسئولين (32 شركة تابعة للقابضة للغزل والنسيج ومصير ومستقبل 55 ألف عامل قوة القابضة وشركاتها، وهذه الأرقام الخطيرة للخسائر التى وردت فى حوار دينا عبد الفتاح فى «الوطن» مع الوزير الجديد من يحاسب عليها؟! لا أريد أن أستطرد فيما أقرأ من أرقام ووقائع موجعة، ولكن أعود لأتساءل: كيف يطمئن المصريون إلى إدارة ومسئولين بهذا المستوى من عدم الأمانة أو الكفاءة أو الضمير التى مهما أفسدت أو خربت أو أهدرت فلن تمس لا هى ولا الثروات التى حصلت عليها دون وجه حق والخاسر الوحيد المواطن!! مجالات وأمور جوهرية كثيرة تحتاج إلى إجابات مسئولة تستدعى اطمئنان وثقة المواطن وتهدئ قلقا ومخاوف يجب أن تدخل فى مجال ما يدعو إليه رئيس الوزراء من الاهتمام بالمواطن وإجابة على تساؤلاته فى مقدمتها: هل قامت الحكومة بواجباتها فى ترشيد إنفاقها؟ وكيف ستستجيب لتكليفات الرئيس بالنسبة للدين العام بعد الأرقام المقلقة التى وصل إليها؟ وما تثيره تصريحات مسئولين كتصريح وزير المالية بأنه لا ينتظر فرض ضرائب جديدة!! وأنه سيعاد النظر فى الضريبة العقارية نعم من المهم تصحيح ما ثبت خطؤه، ولكن أليس الأفضل ضبط القرارات وسلامتها ومدى قدرة المواطن عليها قبل إصدارها؟! سعى رئيس الوزراء للاقتراب أكثر من المواطن أرجو أن يساعده على قراءة أمينة وحقيقية لحجم وهول ما يعانى ويتحمل ويفرض المسارعة إلى سياسات وإجراءات العدالة الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية والشبابية وبكل ما تعنيه حقوق الإنسان والمواطنة وتحمل ما تبقى من أعباء الأزمة الاقتصادية إلى القادرين وإلى سياسات ضريبية مازالت عاجزة عن معالجة حجم التفاوت الفلكى واللاإنسانى فى الدخول وفى مستويات المعيشة ما بين أولاد يلعبون بالمليارات على شواطئ المتعة وأولاد يباعون لعدم القدرة على تربيتهم!! هل أبالغ إذا رجوت رئيس وزراء مصر احتراما لتاريخها كصاحبة أول وأقدم وأجمل حضارة فى التاريخ أن يجعل إنجاز منظومة إنهاء عار جبال القمامة والمخلفات وإعادة الوجه الحضارى والجمالى الذى يليق بمصر وخلال مدى زمنى محدد وبعد أن حولوها إلى معضلة مستحيلة أن يكون النجاح فى التخلص منها قياسا أساسيا لكفاءة واستمرارية المحافظين ومسئولى المحليات ولا أحد يستهين بقيمة وأهمية استعادة القيمة الحضارية والجمالية لشوارع ومدن وقرى مصر أصغرها وأكبرها كيف يصل الأمر أن ندعى العجز ثم نقوم باستيراد أطنان من القمامة والمخلفات بادعاء ضرورتها لصناعة الورق والكرتون؟! وهل مخلفاتنا لا تصلح؟!! هل يجب أن نستورد كل شيء.. غذاءنا.. وملابسنا بعد أن بعنا مصانعنا.. وحتى القمامة والمخلفات والنفايات الخطرة.. أرجو أن يُخضع رئيس مجلس الوزراء الأمر كله إلى فحوص وتحقيقات تُنهى عذابات المواطنين مع أخطر وأسوأ أشكال الفساد الذى يؤدى إليه الفشل والعجز والإهمال واللامبالاة فى أداء المسئوليات وفى ومقدمتها بل من أهمها فى رأيى الاقتراب من المواطن والإجابة على جميع تساؤلاته والتأكيد الدائم على المصداقية والمصارحة والشفافية وكل ما يجعل حياته أسهل وأسعد دون تفرقة أو تمييز اجتماعى أو سياسى أو اقتصادى أو ثقافي. يقولون الذكرى 48 لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر.. ومثله لا يرحل.. من حفر على وجدان أمته وانتمى لبسطائها واحترم قدرها وتاريخها وناضل من أجل استقلالها وأدرك قيمة الانتماء إلى دوائرها العربية والإفريقية وصنع من عدم الانحياز كتلة صلبة لها اعتبارها.. وأراد أن يعيد الأرض لأصحابها.. واستكمل تشييد صروحها الصناعية.. نعم أصاب وأخطأ.. وبعض الأخطاء بل والخطايا كانت لا تغتفر.. ولكن ظل واحدا من أعظم عشاقها ورموزها. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد