لأننى من أشد المتحيزات للمرأة ودورها فى المجتمع، وإيمانا منى بأن المراة هى نواة المجتمع وإذا انصلح حالها انصلح حال المجتمع ككل.. وإذا ساهمنا فى تقدمها وتعليمها فإننا بذلك نساهم فى تقدم ونهضة المجتمع ككل. ولذا اخترت الحديث عن سيدة فاضلة من بيت النبى صلى الله عليه وسلم، والتى تتلمذ على يديها الإمام الشافعى ولم يخجل من هذا.. هى السيدة نفيسة رضى الله عنها، الطاهرة البارة كريمة الدارين الورعة وسليلة أهل بيت النبى وهى بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلح بن الإمام الحسن بن على أمير المؤمنين وبن فاطمة الزهراء البتول ابنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرب بناته إلى قلبه. ولدت بمكة المكرمة فى 11 ربيع الأول عام 145 من الهجرة، ونشأت السيدة نفيسة رضى الله عنها فى المدينةالمنورة فى العبادة والزهد فى الدين، وحفظت القرآن الكريم وتفقهت فى الدين، وربيت على الصلاح والتقوى، وقد تزوجها بن عمها اسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن الإمام زين العابدين ورزقت منه القاسم وأم كلثوم. وقد أخذ اسم السيدة نفيسة من النفاسة ورفعة الشأن والشرف والشدة والشبه بين السيدة نفيسة وبين عمتها السيدة نفيسة الكبرى بنت زيد الأبلج، وقدمت إلى مصر مع زوجها وكانت معها بنت عمها السيدة سكينة التى كانت لها الشهرة التامة بالمعارف والولاية، فخلعت عليها الشهرة واختفت، فصارت للسيدة نفيسة الشهرة والقبول التام وحجت ثلاثين حجة أكثرها مشى على أقدامها، وكانت تتعلق بأستار الكعبة وهى تطوف وتبكى. وفى ليلة 15 من شهر رمضان عام 208 هجرية ويوم اشتد بها المرض وكانت صائمة، فأشاروا عليها بالإفطار فقالت يا إلهى يا للعجب إن لى ثلاثين عاما وأنا أسال الله أن يتوفانى وأنا صائمة فهل أفطر الآن؟!، وكانت تقرأ سورة الأنعام حتى وصلت إلى قوله تعالى: "لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون". وفارقت الحياة وأراد زوجها أن يدفنها بالبقيع، إلا أن أهل مصر توسلوا إليه فى تركها لنتبارك بها فرأى رسول الله فى المنام يقول له "يا إسحاق لا تعارض من أهل مصر فى نفيسة لأن الرحمات تنزل عليهم ببركتها"، ودفنت بقبرها الذى حفرته بيديها الشريفتين، وكانت تنزل فيه لتعبد وتصلى فيه النوافل وتقرأ فيه القرآن. هذا نموذج لامراة مسلمة استطاعت أن تحفر اسمها بأحرف من نور ويتوافد على قبرها الرجال والنساء من جميع الأماكن والمحافظات من أجل التبرك بها. فلنربى بناتنا على أهمية التعليم ونربى أبنائنا على أهمية عدم التمييز بين البنات والأولاد فقد نجد فى بيوتنا من تصبح مثل السيدة نفيسة فمن يدرى ماذا تخبىء الأقدار، ولنحيى كل امرأة استطاعت تحقيق بصمه فى مجالها ومع أولادها. [email protected] لمزيد من مقالات د.سامية أبو النصر