إذا كان صحيحا وهو على الأرجح صحيح أن هناك ارتباطا وثيقا بين حزمة المشكلات والتحديات المزمنة التى تواجهها مصر وبين مشكلة الزيادة السكانية فإن علينا أن نقف وقفة مجتمعية حازمة ورشيدة لفرملة هذه السرعة الرهيبة فى معدلات الزيادة السكانية وأن نتصدى بكل قوة لتجار الشعارات الذين يتمسحون فى الدين ويزعمون أن الزيادة السكانية تمثل قوة إضافية للأمم والشعوب بالتجاهل التام لأن مثل هذه المزاعم إذا جاز قبولها بالنسبة للدول الغنية فإن الأمر يمثل جريمة إنسانية فى الدول التى تشكل فيها الزيادة السكانية خطرا وليس مجرد عبء اقتصادى واجتماعى فقط. إن من عمى البصر وعمى البصيرة السياسية أن يتغافل البعض عما جرى لمصر فى العقود الأخيرة حيث ابتلعت الزيادة السكانية كل المحاولات التنموية وهو ما انعكس بشكل مباشر وملحوظ فى اتساع الفجوة الغذائية مما أحوج مصر واضطرها إلى الاستيراد من الخارج بتكلفة عالية. وإنعاشا للذاكرة فإن الأمانة التاريخية تستوجب التذكير بأننا كنا حتى مطلع الستينيات من القرن الماضى أقل من 30 مليون نسمة، وبالتالى كنا نستطيع أن نستوعب أغلب الزيادة السكانية فى مجالات العمل المتوافرة بقطاعات الزراعة والصناعة والسياحة، أما الآن وبعد أن تجاوز عدد سكان مصر حاجز المائة مليون نسمة فإن من العبث أن يستمع أحد لتجار الدين وفتاواهم التى تخاصم الواقع وتعطل لغة العقل والمنطق التى تقول بأننا إذا لم ننتبه لخطر الزيادة السكانية فنحن أمام كارثة رهيبة لا يمكن درؤها. وعلينا أن نتشارك جميعا فى إعادة قراءة المعادلة السكانية المصرية بدقة حتى نستطيع أن نحسن التعامل معها بحكمة وموضوعية تجنبنا خطر انتظار وقوع الكارثة التى بدأت مراكز الدراسات الدولية فى بحث كيفية التعامل معها وأعنى بها كارثة الفجوة المتزايدة بين ما تحتاجه بطون أكثر من 7 مليارات نسمة وبين ما تنتجه كل دول العالم من مواد غذائية! خير الكلام: الحياة مثل الماكينة إذا أدرتها بأكثر من احتمالها احترقت وأحرقت كل ما حولها! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله