مع بداية عام دراسى جديد، يجب أن يكون الشغل الشاغل للتربويين والمعلمين هو بناء الإنسان، فكما أن هناك بنية تحتية يجب إنشاؤها أو ترميمها وصيانتها داخل المدن والمحافظات، فإنه من الأهم أن ننظر إلى البنية الأخلاقية لأبنائنا الطلاب، ويحكى أنه خلال الأعوام المائة الأولى بعد بناء سور الصين العظيم تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات, وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية فى حاجة إلى اختراق هذا السور أو تسلقه، بل كانوا فى كل مرة يدفعون للحارس الرشوة، ثم يدخلون من الباب, حيث انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس، كما أن الحضارة لا يمكن أن تكون فى عز ومنعة مهما ارتفعت وتناطحت أبراجها، إذا كانت أفكار الإنسان أو القيم أو البنية الإجتماعية ممزقة, أو معرضة للتمزق.. إن إمداد أبنائنا الطلاب بالطاقة الإيجابية والارتقاء بسلوكياتهم، والعمل على سمو أخلاقهم لابد أن يأتى فى المرتبة الأولى قبل التعليم، كما أن التعلُم يجب أن يكون منهجاَ فى مدارسنا وجامعاتنا، وليس التعليم حتى نطور طرق التفكير السليم لتلقى العلوم ونترك العنان لأفكار الأبناء لأن تبدع بحرية فى العلوم والآداب، إذا كنا نريد أجيالا تتحمل المسئوليات الأخلاقية والفنية والإدارية، كما أنه لن تنتهى ظاهرة الدروس الخصوصية إلا بالبناء الفكرى والأخلاقى للمعلم قبل الطالب، حيث يجب وضع المعلم أمام المسئولية الأخلاقية تجاه هذا الوطن، ولا نعزى نجاح القضاء على تلك الظاهرة بدخول ورواتب المعلمين «على الرغم من أهميتها» فليس من المعقول ولا من الأخلاق تطبيق المقولة الفاشلة «نحن نعمل على أد فلوسهم» فالمعلم صاحب مدرسة تربوية وأخلاقية وعلمية، ويكفى المعلمين شرفاً أن يقول فيهم رسول الله «صلى الله عليه وسلم» «إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافر». د. رجب إسماعيل مراد الأستاذ بجامعة مطروح