كان من المُفتَرَض أن تتكاتف جهود مؤيدى الحكم مع معارضيه فى بعض المسائل الوطنية التى تجمع بطبيعتها الأطراف التى قد تختلف مواقفها حول الحكم، إمّا لأن الموضوعات المطروحة تحقق مصلحة عامة ليست محل خلاف، وإمّا لأنها تدرأ خطراً عاماً يتفق الجميع على وجوب التصدى له. مع إدراك أن بعض هذه المسائل أعراض لعيوب اجتماعية توجب تكاتف كل الأطراف فى استكشاف علاجها. والقضايا المرشحة لهذا النوع من التلاقى كثيرة، منها ما يُسميه البعض بضعف الانتاجية، وهو ما يسميه آخرون بغياب روح العمل، أو بعدم تقدير العمل، أو ما يُطلَق عليه فى الثقافة الشعبية التزويغ من الشغل، أو غير هذا من التسميات! لم يعد من الممكن قبول هذا التواطؤ على التغافل عن مواجهة مثل هذه الأمور بمنتهى الجدية، خاصة مع شيوع نقيضها، برغم كل تعارض منطقي، وهو ما يتجلَّى بعضه فى ثورة التطلعات التى لا يمكن أن تكون مُبرَّرة مع التراخى فى العمل، حيث يعلو صراخ من لا يعملون مطالبين بما يعتبرونه حقوقاً غير قابلة للتصرف، بتوفير كل متطلباتهم فى أسرع وقت على أعلى مستوى وبأقل سعر..إلخ! أما كيف يستحلّون لأنفسهم هذا وهم لا يعملون بالمستوى الذى يجيز لهم أن يطمحوا فى نيل هذه المزايا؟ فهو سؤال غير مطروح! فإذا كان البسطاء يجيزون لأنفسهم أن يمارسوا هذه الازدواجية، فكيف تتفق معهم النخب المنوط بها التعامل مع القضايا بشكل مختلف؟ وكنقطة بداية جادة، فإنه يجب عدم الالتفات إلى كشوف الحضور والانصراف التى برعت الخبرة المصرية فى جعلها عنوانا على منتهى الالتزام بالعمل، فى حين يعلم الجميع أنها على النقيض. وقد أصاب التقرير الشهير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عام 2014 عندما لم يعتدّ بها واعتمد معيار الانتاجية للعامل المصرى وقدَّرها ب20 دقيقة فقط فى اليوم! بما يضع مصر فى المرتبة 130 على مستوى العالم، وهو المركز قبل الأخير! ولكن، وللأسف، فإن البعض لا يزالون يرونها مسئولية الحكم وحده، ويعفون كل الأطراف الأخرى من مسئولياتهم.