انطلاق امتحانات النقل الأزهرى للمرحلتين (الابتدائية - الإعدادية) بمعاهد مطروح الأزهرية    قرار عاجل من الحكومة بشأن خطة تخفيف الأحمال خلال احتفالات عيد القيامة    تراجع جديد في أسعار الذهب الآن بمحلات الصاغة.. اعرف الجرام بكام    تراجعت 85 جنيها.. أسعار اللحوم المجمدة الآن في السلاسل التجارية    مدبولي: دعم كامل لتوسعات مجمع مصانع بيراميدز لتوفير المنتج في الأسواق المحلية    شعبة المخابز: غدا تطبيق مبادرة خفض أسعار الخبز السياحي    القابضة للمياه: تحديث المخطط العام حتى 2052 لمواكبة الاحتياجات المستقبلية    عاجل - وقف تنفيذ خطة تخفيف الأحمال الكهربائية عن الكنائس هذه الأيام.. متحدث الحكومة يوضِّح السبب    توريد 2608 أطنان قمح في كفر الشيخ    «رويترز»: الصراع بين إيران وإسرائيل كشف جاهزية القوات الأمريكية بالشرق الأوسط    الإعلام الأمني العراقي: تشكيل لجنة فنية عليا للتحقيق في أسباب الانفجار بمعسكر كالسو    «شكري»: لا يوجد تقاطع في المصالح بين مصر وتركيا.. نتكامل لحل أزمات المنطقة    سامح شكري: نسعى لزيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا إلى 15 مليار دولار    موعد مباراة الأهلي ومازيمبي وتردد القنوات الناقلة    العطار: اتحاد الكرة سيدفع الشرط الجزائي في عقد فيتوريا الأسبوع المقبل    موعد مباراة ريال مدريد وبرشلونة في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    «يد الأهلي» يواجه أمل سكيكدة الجزائري بكأس الكؤوس    حبس المتهم بقتل الطفل أحمد بشبرا الخيمة    سقوط 8 تجار كيف ب75 كجم مخدرات قيمتها 35 مليون جنيه بالإسماعيلية    انتشال جثة طالبة من مياه النيل بالبدرشين    «فرح» تعيد الابتسامة لأهالي الصف بعد 4 أيام اختفاء.. ما القصة؟    السيطرة على حريق شقة سكنية في الطالبية    وصول المتهمين في قضية «رشوة مياه أسوان» لمحكمة جنايات القاهرة    إياد نصار: بحب الناس بتناديني في الشارع ب «رشيد الطيار»    هل ارتبط أنس بوخش ب دينا الشربيني؟.. القصة وراء ظهورهم في دبي (فيديو)    مفتي الجمهورية: من الصعب الاكتفاء بالاجتهاد الفردي    إعادة كف يد شاب مبتورة للحركة بعد عملية جراحية ناجحة في مستشفيات جامعة المنوفية    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يهنئان أسقف السمائيين بشرم الشيخ بالعودة من رحلة علاجية    منصة للأنشطة المشتركة بين مصر وألمانيا.. حصاد أنشطة التعليم العالي في أسبوع    بالفيديو.. ناقد فني عن صلاح السعدني: ظنوه «أخرس» في أول أعماله لإتقانه الكبير للدور    أمين الفتوى: تسييد النبي فى التشهد لا يبطل الصلاة    فضل الذكر: قوة الاستماع والتفكير في ذكر الله    فريدة الشوباشي: الولايات المتحدة الأمريكية سبب خراب العالم كله    منها زيادة الوزن.. خبراء يحذرون من أضرار الحليب المجفف    «الصحة»تخطط لتحسين جودة الخدمات المقدمة للأطفال والمراهقين    التنمر على هذه الفئات يعرضك للحبس 5 سنوات    جدول مباريات اليوم.. 4 مواجهات قارية مختلفة للأهلي.. ظهور للزمالك.. وقمة سيتي وتشيلسي    إصابة 16 شخصًا في حادث إنقلاب سيارة ميكروباص بطريق القاهرة الفيوم الصحراوي    بروتوكول تعاون بين جامعة طيبة وجهاز المدينة الجديدة لتبادل الخبرات    مدير كلية الدفاع الوطني التنزاني يشكر مصر على ما تقدمه من دعم لدولته    كيف أدعو الله بيقين؟ خطوات عملية لتعزيز الثقة بإجابة الدعاء    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا مضادا للطائرات    تواصلت مع دولتين .. هل تبحث حماس نقل مقرها إلى خارج قطر؟    الفراخ البيضاء ب100 جنيه والبط السوداني ب150.. أسعار الدواجن والطيور في أسواق الإسكندرية اليوم    يُغسل ولا يُصلى عليه.. حكم الشرع تجاه العضو المبتور من جسد الإنسان    عمر مرموش يساهم بهدف في فوز آينتراخت فرانكفورت على أوجسبورج 3-1    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    ناقد رياضي شهير ينتقد شيكابالا وتأثير مشاركاته مع الزمالك .. ماذا قال؟    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    أهالي قرى واحة الفرافرة في ضيافة الأسبوع الثقافى الفني بالوادي الجديد    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلسطينيون والخيارات الصعبة
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 09 - 2018

بينما تتعثر عملية المصالحة الفلسطينية يتخذ الرئيس ترامب عدة خطوات تضرب فى الصميم القضية الفلسطينية وتحصرها فى إطار ضيق جدا لا علاقة له بمفهوم الحقوق القومية المشروعة لأى شعب فى العالم.
بدأ الأمر بالاعتراف الامريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل رغم أنها أرض متنازع عليها ومحل تفاوض، ثم جاءت خطوة سحب التمويل الامريكى المقدر بمائتين وخمسين مليون دولار للوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا، واعتبار المستوطنات الاسرائيليية فى الضفة مشروعة، وأخيرا إغلاق مقر منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، بما يعنى قطع الاتصالات مع ممثل الشعب الفلسطينى فى أرجاء العالم المختلفة.
حدث ذلك فى ظل تكرار الحديث عن خطط أمريكية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين فى البلدان التى يعيشون فيها كلبنان وسوريا والأردن والعراق وغيرهم، وقصر عددهم على أقل من نصف مليون لاجئ، غالبيتهم العظمى فى عداد المتوفين.
تكمن خطورة الخطوات الأمريكية فى مدلولاتها السياسية والفعلية والرمزية، وجميعها تصب فى إعاة تعريف القضية الفلسطينية باعتبارها مجرد حقوق إنسانية ومدنية لمجموعات من السكان فى الأراضى التى تحتلها إسرائيل وتُعد من وجهة النظر الأمريكية أراضى إسرائيلية غير خاضعة للتفاوض، وبالتالى إنهاء مبدأ الدولة الفلسطينية كجزء من حل تاريخى شامل.
وثانيا ضرب وحدة الشعب الفلسطينى من خلال محاصرة منظمة التحرير الفلسطينية، واعتبارها كيانا لا يرمز إلى شيء ولا يمثل شعبا يسعى الى حقوقه القومية.
وثالثا خفض القيمة السياسية والرمزية للسلطة الوطنية برئاسة الرئيس محمود عباس من سلطة ترمز إلى مشروع دولة قيد البناء إلى درجة التمثيل البلدى لمجموعات سكانية متناثرة دون تواصل جغرافي.
تزداد خطورة قرارات ترامب فى ضوء ما هو معروف عن الانحياز الأمريكى المطلق للاحتلال الإسرائيلي، وتوظيف كل نفوذ الدولة الأمريكية للضغط على مختلف الدول للتماهى مع هذه السياسة.
فحين قرر الرئيس ترامب نقل السفارة الأمريكية الى القدس دعا باقى دول العالم لكى تفعل الشيء ذاته، وحين قرر سحب التمويل المخصص للاونروا ضغط على الدول المانحة الأخرى لكى توقف مساعداتها. صحيح أن كثيرا من الدول لم تساير الخطوات الأمريكية، والبعض عبر عن رفضه السلوك الأمريكى من خلال استعداده للاستمرار فى تقديم الدعم الإنسانى للأونروا والبعض الآخر رفع حجم الدعم، وما زالت غالبية دول العالم تعتبر القدس موضوعا لم يُحسم بعد ومجالا للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو ما يمكن أن يعبر عن نوع من الرفض المهذب، لكنه إجمالا لا يوفر أرضية دولية صلبة لإجهاض ما يسعى إليه الرئيس ترامب ومن ورائه رئيس الوزراء الاسرائيلى نيتانياهو لتصفية القضية الفلسطينية، وحصرها فى إطار امتيازات بلدية للسكان تحت الاحتلال.
لقد مر الفلسطينيون عبر تاريخهم الحديث بمراحل عديدة حملت الكثير من الضغوط والاحباطات والانتكاسات، وحملت أيضا بعض الانتصارات السياسية والرمزية، لكن التعقيدات والتشابكات لم تتوقف أبدا، وما كان واقعا بالأمس صار خيالا، وما كان حلما يقترب تحقيقه بات أقرب إلى السراب.
مما يجعل القضية الفلسطينية فى مهب الريح ليس فقط الانحياز الأمريكى الفج، بل أيضا الانقسامات الفلسطينية التى تزداد يوما بعد يوم.
وكلاهما يجعل الخيارات المتاحة محدودة وكل منها أكثر صعوبة من الآخر. نشير الى أربعة خيارات نظرية، أولها أن تقطع منظمة التحرير الفلسطينية علاقاتها مع الولايات المتحدة كإجراء سياسى رمزى ردا على إغلاق مقر المنطمة فى واشنطن.
وهو ما يتطلب أولا تفعيل آليات المنظمة وإعادة هيكلتها بما يحقق لها تمثيل كل الاتجاهات والمنظمات الفلسطينية، ومن ثم يكون قرار قطع العلاقات مع واشنطن تجسيدا لمطلب فلسطينى عام.
والمعضلة الرئيسية لهذا الخيار أن السلطة الوطنية ستكون ملزمة بعدم الاتصال مع الجانب الأمريكى مباشرة أو غير مباشرة، وهو ما سيضع السلطة فى مأزق حقيقي، فبالرغم من كل الضغوط الأمريكية الراهنة، ووضعا فى الاعتبار النفوذ الأمريكى الدولي، ستظل هناك حاجة ملحة لوجود قنوات اتصال مع الإدارة الأمريكية سواء الحالية أو المستقبلية.
وقد يخفف من وطأة الأمر أن يكون قرار منظمة التحرير مقصورا على تجميد الاتصالات مع الجانب الأمريكى فى الوقت الراهن، وليس قطع العلاقات والتى ستحقق هدفا أمريكيا إسرائيليا غاليا، مع تحديد شروط لمعاودة تلك الاتصالات مثل العودة عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإعادة تمويل الأونروا ومفاوضات جادة لتحقيق حل الدولتين وهكذا.
على أن تبُقى السلطة الوطنية بعض خطوط الاتصال مع الادارة الأمريكية. وبالتالى تظل هناك مساحة حركة للسلطة ربما تسهم فى تخفيف حدة الضغوط الأمريكية لاحقا.
الخيار الثانى لا يقل صعوبة يتمثل فى تعليق الاعتراف بإسرائيل، وبالتالى العودة الى ما كان الوضع عليه قبل اتفاقيات أوسلو التى مر عليها الآن 25 عاما، مع ربط العودة عن هذا القرار بإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، والتى يكون من التزاماتها لاحقا الاعتراف المتبادل مع إسرائيل.
معضلة هذا القرار أن تعليق الاعتراف بإسرائيل سيؤثر على وضع السلطة، وسوف يمنح تل أبيب رصيدا إضافيا للزعم بأن الفلسطينيين يريدون تدمير الدولة اليهودية.
ولما كانت قدرات الفلسطينيين ومن ورائهم العرب على مواجهة المزاعم والادعاءات الإسرائيلية الممزوجة بالانحيازات الغربية والأمريكية محدودة، فالمرجح أن تزداد المواقف المناهضة لهذا القرار الفلسطينى بما يزيد من الضغوط والتراجعات.
الخيار الثالث ذو وضع قانوني، يأخذ شكل إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال وتحديد حدودها وعاصمتها وعلمها ورموزها السياسية والقانونية المختلفة، وأن يصدر القرار من منظمة التحرير الفلسطينية وليس من السلطة الفلسطينية والتى سيكون عليها الالتزام بالقرار.
يتطلب هذا الموقف بحثا قانونيا مستفيضا ومشاورات دولية واسعة ترتبط بالحصول على موافقات وتعهدات موثوقة بأن يتم الاعتراف الدولى الموسع بهذه الخطوة، واتخاذ خطوات عملية لترسيخها، وليس مجرد إشادات بلا مضمون فعلي.
الخيار الرابع يتمثل فى إعلان نهاية حل الدولتين والبدء فى مسيرة الدولة الواحدة ذات القوميتين، مع الإدراك الكامل بأنه خيار مملوء بالعقبات والمشكلات التى لا تقل ضراوة عن حل الدولتين.
وأيا كان الخيار الذى سيقرره الفلسطينيون، فإن شرطه الأول والأخير ألا يكون قرارا لفصيل أو حزب بعينه، وأن يعبر عن الجموع الفلسطينية، ومن ثم نعود مرة أخرى إلى أولوية الوحدة الفلسطينية والمصالحة الشاملة.
لمزيد من مقالات د. حسن أبوطالب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.