كلما قرأت عن النجاحات التى حققتها الصين وكيف أصبحت دولة وقوة عظمى وحولت الاقتصاد إلى سياسة وحققت به انتصارات وفتوحات وشراكات لا تستطيعها الصراعات والحروب، كلما ألح عليّ السؤال.. ما هى العوامل التى حققت بها ما حققت.. وما هى الإيجابيات والسلبيات فى هذه التجربة الإنسانية العظيمة ولماذا تقدمت وخرجت إلى النور والفاعلية كقوة لها وزنها واعتبارها بينما تراجع وانكفأ آخرون وبينهم من يملك من المقومات والقوى البشرية والطبيعية ربما ما يزيد عما لدى الصين؟!! وكيف ظلت تجربتهم وتحولاتهم وانفتاحاتهم وإصلاحاتهم السياسية والاقتصادية «صينية» لا تنفصل عن الجذور.. ولكن الجذور لا تربكهم ولا تشدهم إلى الوراء أو تعطل اندفاعهم الصاروخى لتحقيق أهدافهم وخططهم وتحولاتهم.. وكيف ظل العمل عقيدة وعبادة.. إنهم لا يغنون ليلا ونهارا يا حبيبتى ياصين ولكن يغنون لبلادهم عملا وإنتاجا وإتقانا وغزوا للعالم بأعلى وأندر وأبسط وأغلى وأرخص احتياجات الشعوب على اختلاف مشاربهم وأهوائهم.. وأرقام مشروعاتهم فى إفريقيا تضيف الكثير لمعجزتهم وأحدث وعودهم فى المنتدى الأخير بدعم إفريقيا ب 60 مليار دولار وشطب ديون الدول الأقل نموا و8 مبادرات للتعاون المشترك.! من أكثر ما لفتنى أن المبادئ التى أطلقت فى حركة عدم الانحياز فى بأندونج عام 1955 مازالت هى المبادئ التى تلتزم بها الصين فى علاقاتها السياسية والاقتصادية بالاحترام المتبادل لسلامة الأراضى والسيادة وعدم الاعتداء وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمى وارتباطها بالجذور يعيدها لإحياء فكرة طريق الحرير فى مبادرة الحزام والطريق التى تربط بلادهم بمناطق وسط آسيا والبحر المتوسط منذ آلاف السنين.. ورغم كل هذه النجاحات ففى رأيى أن معجزتها الحقيقية فى الانتصار فى معركة الفقر وفرد مظلات للحماية الاجتماعية يرون أنها لم تصل بعد إلى 30 مليون مواطن خططت لإنهاء الفقر بينهم فى 2020 وأعلنته تاريخا لإعلان انتهاء الفقر تماما فى الصين.. هل نستطيع أن نقرأ بمصداقية وبمواجهة جادة مع أنفسنا كيف حققوا معجزتهم ولماذا تعثر غيرهم ونحن منهم وكيف حولوا الطاقة البشرية والكثافة السكانية التى نصرخ منها ليلا ونهارا إلى قوة إنتاجية لا أظن أنه يوجد بيت على وجه الكرة الأرضية لم تدخله الصين بمنتجاتها بعد أن عظموا حجم وقيمة كل ما على أرضهم من مصادر للحياة والإنتاج وكانوا دائما يضيفون ويصممون ويعدلون ولا يهدمون أثناء التحديث والإصلاحات الاقتصادية والسياسية.. هل كان بإمكانهم أن يحققوا نجاحا أو تقدما وهم يسمحون ببيع أو خصخصة مصانعهم الصينية وذبول السلطة والنفوذ أو يسمحوا بتنامى وتضخم رأسمالية استغلالية تضع يدها على جميع مصادر الثروة وأملاك الشعب وتحويل أموال التأمينات والمعاشات إلى أموال حكومية وتبوير وقتل أخصب الأراضى الزراعية وتدمير وردم البحيرات والقضاء على ثروتها السمكية وترك قلاع صناعية عظيمة تنهار واستبدالها بمشروعات جديدة وبيع أصول المصانع القديمة لتسديد خسائرها بدلا من تجديدها.. حتى الأسبوع الماضى فقط كان رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولى يراجع مع وزير قطاع الأعمال العام خطط تطوير الشركات التابعة للقطاع والنهوض بها كما لم تتوقف تصريحات الحكومة الحالية والسابقة.. ظهر فى اللقاء أن 26 شركة خسرت 6،7 مليار جنيه فى عام واحد!! جاء وزراء ومحافظون ومسئولو محليات وجاء مسئولون عن الشركات المنهارة والخاسرة ومجالس إدارات تتقاضى أرباحا رغم الخسارة وأنفق رؤساء وزارات على مشروعات فاشلة كلفت الدولة المليارات.. فهل حوسب أحد؟!! هل كانت الصين تحقق ما حققت بتراكم فساد بأخطر أشكاله وهو سوء اختيار المسئولين والتفريط والاستهانة بواجبات مهماتهم ومناصبهم،؟! أو بالسماح لجماعات متطرفة تصنع من الدين غطاء لتصل إلى الحكم وتمزق المجتمع وتشققه وتترك فكر وجماعات متطرفة تواصل تضليل العقل والفكر.. ولا أعرف هل حققت الصين ما حققت بألوان وأشكال وصنوف تعليم مستورد من أنحاء الدنيا يواصل تفكيك روابطها وجذورها..؟! لا أظن أن شعبا أحب بلاده بل وعشقها كما أحب المصريون وعشقوا بلادهم هذا الحب الذى ترك يتبدد ويستغل أسوأ استغلال منذ عشرات السنين وبالتحديد بعد انتصارهم فى حرب أكتوبر الذى كان معادل ومدة النصر هو معدن وصلابة الإنسان وإيمانه بأرضه وهزموا بهم تفوق سلاح العدو الصهيونى ولا أظن أن شعبا نادى على الرحمة والعدالة كما نادى المصريون فى أدبياتهم القديمة والحديثة وأدركوا بحدسهم وحسهم التاريخى والإيمانى والحضارى قسوة التمييز وانتهاك القانون لمصلحة الأقوى والأقدر وأشكال وصنوف الفروق والحصانات وكأن هناك مخططا خفيا خبيثا للأسف لا أحد ينتبه إليه ليتحول المصريون من أصحاب فجر الضمير إلى فقر وخريف الضمير!! ولعل فى السعى الجاد الآن الذى يجب أن يتبلور فى معالجة ما تذكرته وما لم أتذكره من أمراضنا وفى إحداث ثورة فى التعليم والصحة والثقافة ما يضعنا على بداية طريق التعافى. من المؤكد أنه لا يوجد مجتمع إنسانى مكتمل المواصفات.. ولكن النجاح والتفوق والانضباط والجدية والتفوق والإنتاج والتحول إلى قوة عظمى تحول ببراعة الاقتصاد إلى سياسة وتنهى انفراد الطاغوت الأمريكى بالنفوذ والسيطرة.. لاشك أن كلها وغيرها من مقومات انجازات الصين مقاييس لها اعتبارها تحتاج إلى تدارس وقراءة عميقة يتعلم منها من لديهم جميع مقومات الغنى والثروات الطبيعية والبشرية والتاريخية والابداعية والثقافية ومازالوا ينتظرون نتائج وثمار ما زرعوا وقاموا بثوراتهم لتحقيقه وتحملوا من أجله الأصعب والأقسى اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وإنسانيا. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد