نشر أهرام الجمعة 24/8 مقالا لأستاذنا الكبير مكرم محمد أحمد جعل فيه القضية التى نشرها موقع محافظة بورسعيد عن القبض على مجموعة من المهربين الصغار مدخلا لتناول قضية التهريب بأبعادها المختلفة وأورد فى المقال معلومات وأرقاما مخيفة عما يتعرض له الاقتصاد القومى نتيجة جرائم التهريب وأن المنطقة الحرة بالمدينة اصبحت مجرد منافذ للتهريب وكشف ما يذهب من مليارات إلى جيوب المهربين ومستخلصى الجمارك وأوضح كيف يديرون لحسابهم عمليات التهريب ويستثمرون بطاقات الاستيراد التى أصبحت 38 ألف بطاقة فى عصر الفوضى الكبرى أو عام حكم جماعة الإخوان تقوم باستيراد حاويات بضائع مجهولة المصدر لا يعرف أسماء مستورديها!! وقبل أسابيع كتبت فى الأهرام مقالا بعنوان «بورسعيد.. من مهران إلى محفوظ» وربطت بين التاريخ النضالى المجيد لأبناء المدينة قبل أن يجتاحها سعار وتضخم رأسمالية متوحشة لا يعنيها غير استغلال امكانات وميزات الجغرافيا والتاريخ فى المدينة وموقعها العبقرى وترتكب جرائم هدم الكثير من معالمها التاريخية والحضارية وطرزها العمرانية وتشوه الشاطئ وتقطعه عن المدينة بقرى سياحية لا تمت بأى صلة للأناقة والرقة التى اشتهرت بهما المدينة واجتاح سعار الهدم والتدمير حتى الأشجار والخضرة وبعض الحدائق التى كانت تميز المدينة .. وقدمت واحدا من أبرز وأعظم رموز انتصارات 1956 الحاج محمد مهران الذى كان فى أيام العدوان الاجرامى الثلاثى تقريبا فى نفس أعمار محفوظ دياب بطل حادثة التهريب وزملائه الذين جاءوا من أثرى محافظات الجنوب بالآثار والتاريخ محافظة سوهاج والتى رغم كل ما تملك مثل كل صعيد مصر من ثروات مازالت غير قادرة على احتضان أبنائها ومنع هجرتهم واستغلالهم فى أعمال إجرامية!! أما محمد مهران إبن مدينة بورسعيد ولم يتجاوز نفس العمر تقريبا فكان يقود واحدة من فرق المقاومة العشر ولم تستطع قوات العدوان البريطانية أن تقبض عليه إلا بعد أن أفرغ كل ما معه من ذخيرة فى مقاومتهم ومنعهم من التقدم إلى داخل المدينة عند شاطئ الجميل . كنت ومازلت أؤمن وأوكد أن أبناء بورسعيد الأصلاء من سلالة وأحفاد من أبناء أجيال النضال والمقاومة وصناع النصر لا يمكن أن يقبلوا بما يضر بلدهم واقتصادها القومى ويحرمها من المليارات التى يحققها إحكام ضبط المنافذ والسيطرة عليها وايقاف جرائم جميع شركاء التهريب وترشيد إدارة بطاقات الاستيراد لصالح مصر ولصالح جميع أبناء بورسعيد الذين كانوا الأعلى دائما بين أبناء محافظات مصر فى مستويات المعيشة والصحة والتعليم والثقافة للأسف تراجعت بشدة هذه المعدلات الآن..!! لماذا لا نستفيد بتجارب موان قريبة وبعيدة كثير منها لا يملك ما تملكه بورسعيد من مقومات مثالية لمدن البحر.. وأعتقد أن المناطق الحرة وفى هذه الموانى لم تغلق ولكن وضعت وطبقت القوانين الصارمة المشددة وأحكمت الرقابة على المنافذ والعاملين فيها وروجت أنظمة توزيع بطاقات الاستيراد والمستفيدين منها وهو ما كان يجب أن يحدث فى بورسعيد وأن تسارع إلى اتخاذه السلطات المسئولة بالمدينة!! فى إشارة مؤلمة لحجم الفساد والمليارات المنهوبة والمضيعة على أبناء المدينة وعلى مصر كلها يقول ا.مكرم محمد أحمد إنه بمقارنة كميات وأعداد البضائع التى يتم الافراج عنها بنظام المنطقة الحرة بإيرادات المنافذ الجمركية يتبين أن الفارق بينها ضخم وكبير ذلك أن ايرادات المنافذ لعام 2016 بلغ ما يقرب من سبعة ملايين جنيه فى حين أن اجمالى الحصص الاستيرادية لبورسعيد يصل إلى مائة وستين مليون جنيه بما يشير إلى حجم التهريب الضخم، فضلا عن ان قانون المنطقة الحرة يفترض أن يكون الافراج من المنافذ الجمركية إلى خارج بورسعيد برسم الاستخدام الشخصى وبكميات غير تجارية على خلاف ما هو حادث بالفعل. وفى مقالى المنشور بالأهرام 12/8 أشرت إلى تصريح لرئيس شعبة المستوردين أحمد شيحة [ أنه من الأفضل تنظيم الاستيراد لتستفيد الدولة بمليارات الجنيهات وأن هناك 43 ألف حاوية دخلت بورسعيد بالتهريب وتصل قيمتها إلى 25 مليار جنيه. والسؤال المهم الذى سألته فى مقالى السابق أيضا وأعيد طرحه.. لماذا لم يسارع ابن بورسعيد ومحافظها والذى كان حاكما عسكريا ولسنوات طويلة لها ويعرف جيدا أدق ما يحدث فى المنافذ وما يضيع على الدولة وعلى المدينة من مليارات.. ومن يتلاعبون من ديناصورات المال والتهريب ويسارع بتقديم خطة للحكومة لمعالجة ما يحدث فى المنافذ وفى استخدام بطاقات الاستيراد وبما يوقف هذه الجرائم ويرشد إدارة واستثمار السوق الحرة لصالح جميع أبناء المدينة ولصالح مصر كلها المؤسف والمؤلم أن تنشر الأخبار 26/8 أن محافظة بورسعيد تستخدم حصيلة التهريب لسداد مصروفات الطلاب ببورسعيد!! عموما أثق أن هناك إجراءات حاسمة وتعليمات مشددة من الرئيس السيسى بتطوير منظومة الجمارك وتوفير مليارات من المليارات الضائعة والمنهوبة فى أغلب مؤسسات الدولة. نقطة اختلاف مهمة مع أستاذنا الكبير أن المدينة تزداد جمالا فربما لأنه ليس من أبنائها ولم ير ما كانت عليه من جمال وروعة ونسق حضارى يجمع بين الحضارة الأوروبية والشرقية قبل أن يتوافد عليها محافظون ومسئولون يسمحون بتدمير هذه المعالم وتتعالى أصوات ونداءات أبناء المدينة غاضبة من التشويه الذى يحدث لها والعبث بمعالمها التاريخية ورموز انتصارها العظيم الذى تحدثت به الدنيا 1956. نقطة أخيرة جاءت فى ختام المقال عن ديليسبس الذى لم يكن أبدا الصاحب الأصلى لفكرة لحفر قناة السويس، فهى فكرة مصرية تضرب فى عمق تاريخ مصر أوقف تنفيذها مفهوم خاطئ لاختلاف ارتفاع منسوب مياه البحرين.. وكتب التاريخ تمتلئ بجرائم هذا الأفاق وما كلفه لمصر وكيف أفرغ خزائنها والسخرة القاتلة والشروط المجحفة التى جعلت القناة ملكا لبلاده ودورها فى الاحتلال البريطاني.. نعم كانت القناة مشروعا استعماريا بامتياز ولكن المشيئة الإلهية جعلتها خيرا وعزا لمصر وقد أسقط الفدائيون عام 1956 التمثال كرمز من رموز انتصارهم ولا أحد ضد أن يوضع فى متحف بورسعيد، أما مدخل القناة فيجب أن يقف عليه رموز لمن حفروها وقبل المياة سالت دماؤهم فيها. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد