مرة اخرى تعود الرياضة ومونديال الدب الروسى الى انعاش الذاكرة الانسانية عن الاصل من اقامة المنافسات الرياضية وهو زيادة التفاهم، وكسر حواجز الثقافات المختلفة بين الشعوب على اعتبار ان كرة القدم باتت اكبر دولة فى العالم. ولعل تصدر منتخب الديوك الفرنسية المشهد النهائى والتتويج باللقب، فتح المجال امام العديد من الوسائل الإعلامية العربية لتفنيد أصول كل لاعب. ووصفت عدة تقارير عربية خلال اليومين الماضيين لاعبى منتخب فرنسا بأبناء المهاجرين او «المجنسين» اى اصحاب جنسية اخرى غير الفرنسية وتناولت التقارير ايضا الاصول الافريقية مثل كيليان امبابى المولود فى فرنسا لأب كاميرونى وام جزائرية . بل تحولت التقارير الصحفية والتحليلات الرياضية الى مثال صارخ للعنصرية المباشرة، وهو احد أهداف الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» الذى بدوره يفرض عقوبات على مثل هذه التصريحات والإيحاءات بالتفرقة فى النظر الى مجموعة بعينها من البشر. ويجب ألا ننسى مونديال 1998 عندما أضاف قيمة اجتماعية جديدة وبصمة باتت واضحة فى الشارع الفرنسى بعدما استطاع زين الدين زيدان ومارسيل دوسايى وتييرى هنرى تصدر مشهد البطولة وكتابة تاريخ جديد اجتماعيا ورياضيا. فى الوقت الذى أعاد فيه بعض اعضاء الجبهة الوطنية الفرنسية مقولة جان مارى لوبان زعيم الحركة « عندما أرى منتخب فرنسا.. لا أشعر أننى أميز فرنسا أو نفسى شخصيا» وهى ايضا التصريحات التى قوبلت بوابل من الانتقادات لمجرد طرح الامر إعلاميا، وهو ما تم رصده بصفة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى .. واستحسنت الجماهير الاوروبية، مشاهد فرحة ايمانويل ماكرون الرئيس الفرنسى والرقص مع اللاعبين فى غرفة الملابس ..تاركا بذلك انطباعا معنويا كبيرا فى قيم تقبل الآخرين، ومستفيدا من كرة القدم التى باتت اقوى الاسلحة الناعمة فى عالم الادارة والسياسة. اما اللجنة الاوليمبية الدولية فلها دور كبير فى ملف السلام الدولى , بعد اعتماد الجمعية العامة لقرار الهدنة الاوليمبية وفرضها على جميع الأطراف المتنازعة وغيرها من أصحاب المصلحة، الالتزام بهدنة فى أثناء الاحتفال بالألعاب الأوليمبية للمعاقين ، وذلك بأمل أن يؤدى يوم هدنة واحد إلى أسبوع من السلام. ولا ننسى مشاهد ليندا جرابار كيتاروفيتش رئيسة كرواتيا التى خطفت الاضواء خلال ظهورها فى مباريات البطولة، وحرصت كوليندا على معانقة جميع اللاعبين خلال مراسم تسليم الجوائز عقب انتهاء المباراة فى مشهد أثار اهتمام كل المتابعين لنهائى المونديال سواء فى كرواتيا أو فى كل أنحاء العالم.. ومدى تأثير هذا المشهد فى نظرة العالم لدولة كرواتيا.