لم تتبين بعد حقائق محددة عن المعركة المحتدمة الدائرة التى تُعلَن فيها اتهامات أمريكية ضد الروس تنسب لهم التدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016 لإنجاح ترامب على حساب منافسته هيلارى كلينتون. وحتى توجيه الاتهام لعدد 12 ضابطاً روسياً فى بداية هذا الأسبوع، فإنه لم يُعرَض على الرأى العام سوى تصريحات تخلو مما يُعزِّز جديتها وحيدتها، خاصة أن بعض الكلام ينفى بوضوح أن يكون التدخل الروسى المُعلَن عنه قد وصل إلى سير العملية الانتخابية وإجراءاتها، بل إن الاتهام ينحصر فقط فى التأثير على الناخبين الأمريكيين عبر هجوم روسى إليكترونى بمعلومات مغلوطة تصب فى مصلحة ترامب وتقلل من فرص كلينتون! وكان من الغريب طرح هذه الحجة الأخيرة، لأن أهم أعمدة شرعية النظام الأمريكى قائمة على حرية التعبير، بل إن التقاليد السائدة حتى ما قبل هذه القضية كانت تتوسع فى نطاق هذه الحرية فى أثناء مواسم الانتخابات، سواء الرئاسية أو التشريعية، وكانت تتسامح مع كثير من التجاوزات بين فريق كل مرشح ومؤيديه ضد منافسيهم. النقطة الأخرى المهمة، هى أن جواز نظر مثل هذه النزاعات أمام القضاء الأمريكى، والسعى لتجريم ما يقال إنه تدخل فى هذه الحدود التى لم يُذكر غيرها حتى الآن، هو سابقة قد يعتمد عليها نشطاء فى دول أخرى فى تحريك دعاوى أمام القضاء الأمريكى ضد بعض الأجهزة الأمريكية الرسمية على تدخلهم الفعلى بما هو أكثر تأثيراً مما يُنسَب هذه الأيام لروسيا، باتهامات مدعومة بأدلة أكثر قوة مما يُشهَر هذه الأيام ضد روسيا. فهل تجد هذه القضايا، التى من الوارد أن تطرح، حماساً من العدالة الأمريكية ومن نفس وسائل الإعلام الأمريكية التى تزعم أن دافعها الوحيد هو تبيان الحقيقة؟! أما على جانب روسيا، فلا يبدو حتى الآن أنهم مضارون من هذه الحملات ضدهم، بل المرجح أنهم سعداء بما تشيعه عن دولتهم فى العالم أنها قادرة على العبث فى عقر دار أقوى الدول فى أهم المسائل التى تقوم عليها شرعية الحكم. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب