بداية يجب الاعتراف بأن ماحدث في مدينة سان بطرسبورج الروسية قبل مباراة منتخبنا الوطني لكرة القدم ونظيره الروسي في ثاني مبارياته بالمونديال لم يكن الأول من نوعه، اذ سبقته مرات عدة، لكننا لم نستوعب الدرس رغم تكراره، مايكشف بجلاء اننا نملك ذاكرة السمكة التي لا تتذكر مافات عليها بعد خمس ثوان فقط، ومن هنا كانت انتفاضة المشجعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي غير مبررة، فالامر ليس وليد المونديال لكي ينتفض الجميع ساخرا وساخطا مما جرى من غياب الاحترافية التي لم تبد يوما في أي عمل كروي مصري منذ عرفنا اللعبة والمنتخبات، اذ يتفرد اتحاد الجبلاية دون غيره من الاتحادات بأننا لم نسمع يوما انه خضع أو ان أحدا من أعضائه ممن يعرف القاصي والداني ان وجودهم داخل مجلس الجبلاية يعود عليهم بالمنافع والمكاسب لمحاسبة على تقصير، ولك ان تعود بالذاكرة لتعرف ماكان من استفادة واضحة لاكثر من عضو بالجبلاية من وراء الشركة الراعية التي اعدت لهم برامج اذاعية وتليفزيونية لتضمن ولاءهم، فبات الأمر وكأنها شراكة وليست ادارة تخضع للمراقبة من قبل الدولة واجهزتها، وإلا فبماذا نبرر تكرار الاخطاء مع عدم وجود محاسبة حتى من قبل الجمعية العمومية التي هي صاحبة القرار الأول على مجلس الإدارة ، ولنا فيما سبق سفر البعثة من أحدث الأمثلة، عندما صدر قرار من مجلس الإدارة بمنع عضو من مرافقة البعثة بعدما أعلن عن تهجمه على مخزن الاتحاد وحصوله عنوة على ملابس والاعتداء على عامل المخزن كما جاء في بيان للاتحاد، ثم يخرج العضو ليعلن على الملأ في وسائل إعلام انه لايقبل ما صدر عن مجلس الادارة وهدد انه في حال عدم إلغاء ما اعلن بشأنه، سيعقد مؤتمرا صحفيا يكشف فيه المستور، نافيا ما اتهم به وقال ان ملابس المنتخب توزع على الاقارب والمحاسيب، ورغم اعلان الاتحاد إحالته الى التحقيق، فوجئنا بالعضو يسافر الى روسيا بل ويدخل مقر اقامة المنتخب والأغرب من ذلك انه التقى رئيس الاتحاد والتقط معه صورة تذكارية كفيلة بأن تؤكد للجميع ان ما حدث والعدم سواء، ونسي الجميع قصة التحقيق والتهديد كما نسوا من قبل عديد الازمات التي انتهت بحب الخشوم، وبدا واضحا ان مابين هذه المجموعة من مصالح وما يملكه كل فرد فيها من معلومات ضد الآخرين تحتم عليهم التراجع عن أي مواقف يمكن لأحدهم ان يفكر في اتخاذها ضد الآخر. وبات السؤال أليس من حق الدولة والمجتمع ان يعرف ماهدد بكشفه عضو الاتحاد؟ أليس التغاضي عن التحقيق مع العضو يكشف ضعف الاتحاد وخشيته من تهديد العضو؟ ان الأمر هزلي برمته ان لم يتم وضع النقاط فوق الحروف، وتكرار هزلية الامور يعني أننا لم نتعلم من الدروس، وأن الشفافية التي تطالب بها الدولة وتسعى الى تطبيقها في كل مجالات العمل والحياة ونسمع كل يوم عن جهود جبارة تقوم بها الرقابة الإدارية لكشف الفساد وضبط الفاسدين لم تصل بعد الى المجال الكروي، وبات مؤكدا أن جماعة المصالح المشتركة التي تحكم اللعبة أقوى من ان تخضع للمحاسبة، والدليل انها تفعل ماتريد دون ان تخشى حتى السؤال لا المساءلة٫ وماحدث في سانت بطرسبورج من تحويل مقر اقامة المنتخب قبل مباراته المهمة مع روسيا الى فرح العمدة، بدخول الفنانين والإعلاميين والبرلمانيين ورجال الاعمال الى بهو الفندق والتقاط الصور مع اللاعبين وكذلك هبوط رجل اعمال معروف بعلاقته مع الاتحاد الى أرض الملعب ليلتقط صورا مع النجوم ومن أسف بمشاركة عدد من اعضاء مجلس الإدارة ممن يعملون في القناة التي كان يملكها، يؤكد ان الامر كله لايعدو اكثر من شبكة مصالح عنكبوتية تفوق المسئولية وتسبق مصلحة المنتخب٫ وللتذكرة فإن هذا الأمر لو كان عولج عندما حدث في المرة الاولى عام 1977 عندما سافر اعضاء البرلمان الى تونس لحضور المباراة المؤهلة الى نهائيات كأس العالم 78 ، لما كان لها أن تتكرر في عام 2009 في ام درمان في المباراة الفاصلة للتأهل الى مونديال 2010، ولما تكررت في بطولة العالم للقارات في جنوب افريقيا، والتي شهدت فضيحة احد مراسلي القنوات الفضائية التي اساءت للاعبي المنتخب جميعهم قبل ان تكشف كاميرات الفندق الحقيقة، وتكرر الامر في نهائي امم افريقيا في الجابون 2017، ومن عجب أن فضيحة فندق جنوب افريقيا والتي كانت بسبب الكواليس المباعة لقناة تلفزية والسماح لمراسلها بارتداء قميص المنتخب، واعلن وقتها عن ايقاف بيع حقوق الكواليس التي هي بدعة يتفرد بها الاتحاد المصري دون غيره من دول العالم، عاد اليها في مباراة الكونغو وكذلك في المونديال. لمزيد من مقالات أشرف محمود