عندما احتشد ساجد جاويد وزير الداخلية البريطاني، وأعلن يوم الاثنين الماضى ما أُطلق عليه (الإستراتيجية الأمنية الجديدة)، كان يتجاوب فقط مع الحالة العاطفية الاحتفالية التى سادت بريطانيا فى ذكرى حادث الدهس الإرهابى فى لندن بريدج، والذى أعقبه هجوم بالسكاكين والأسلحة البيضاء فى سوق مجاورة، ولا أصدق حرفا لما يطرحه الخطاب البريطانى الرسمى أزيد من ذلك، فمحاولة هذا البلد المستميتة الادعاء بأنه ضد الإرهاب ستظل غير قادرة على الوقوف بثبات أمام حقيقة احتضانه العديد من رموز ونجوم التيار المتأسلم، ولمركز قيادى لجماعة الإخوان الإرهابية وامتداداته مثل المجلس الثورى المصري، وهو ما لا يمكن التشاغل أو (الحركية) التى يقومون بها، مثل عقد الندوات والمؤتمرات، والهيمنة الكاملة على بيوت التفكير أو مراكز البحوث التى تعتمد عليها الخارجية البريطانية فى هندسة سياساتها ومواقفها مثل (شاتهام هاوس) عبر التبرعات والمنح، وكذلك السيطرة من تلك الدولة الراعية للإرهاب على عدد كبير من مؤسسات البلد وضمنها أندية رياضية وصحف ومتاجر كبري، وذلك فى مقابل استثمارات ضخمة أعلن عنها تميم حاكم قطر فى زيارته السابقة لبريطانيا.. مطاردة السلطات البريطانية بعض المتأسلمين من أصول آسيوية هزوا استقرار المجتمع البريطانى وارتكبوا جرائم وحشية فى الشوارع، ليس كل شيء، ولكن محاربة هذا الفكر المتطرف والتعبيرات التنظيمية عنه تقتضى مواجهة أعمق من كل ما أعلنه ساجد جاويد، لابد أن تعترف بريطانيا بأن تنظيم الإخوان الذى أنشأته ومولته هو تنظيم إرهابي، وذلك إذا كانت تريد تصديق ساجد جاويد، ولابد أن تحدد بريطانيا موقفها من دولة راعية للإرهاب مثل قطر، وألا تنصاع للانبطاح الرخيص تحت قدميها من أجل بضعة ملايين من الجنيهات الإسترلينية، وهذا إذا كانت تريدنا تصديق (ساجد) وزير داخليتها.. لا شأن لنا بإعلانات جاويد الوزير البريطانى الموجهة إلى الرأى العام فى الداخل، مثل الكلام عن التنسيق بين أجهزة الشرطة البريطانية فذلك حادث بالفعل. لا يعنينا الحديث عن زيادة عدد رجال الشرطة البريطانية التى تطارد الإرهاب إلى ألفى شرطي، ولكن يعنينا إطار القرار السياسى الذى يحدد من هو (الإرهابي) وما هو الفارق بين (المتأسلم) و(الإرهابي) أليس كذلك يا بريطانيا؟! لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع