* التنسيق بين الأسرة ومؤسسات المجتمع ضرورة لتحصين الشباب أكد الدكتور مجدى عاشور، المستشار الأكاديمى لمفتى الجمهورية، أن المساحة الإعلامية المتاحة للبرامج الدينية فى رمضان غير كافية لتوعية الناس. وقال فى حواره مع “الأهرام”، أن “تقنين الفتوى” من خلال القانون الذى يعده البرلمان، يعد بداية إيجابية في طريق القضاء على “فوضى الفتاوى” كما أن التنسيق بين الأسرة ومؤسسات المجتمع ضرورة لتحصين النشء ضد الانحلال والانحراف، وأن القيم لا تموت فى المجتمعات، ولكنها تضعف، وعلاجها يكمن فى استنهاض العلماء ومؤسسات الفكر والثقافة والإعلام..والى نص الحوار:
ما برامجك الدعوية في رمضان؟ تذاع لي عدة برامج دعوية في رمضان تبث عبر الوسائل المختلفة، فهناك برنامج “دقيقة فقهية” على إذاعة القرآن الكريم، ومصور على التليفزيون المصري، وكذلك برنامج “دعاء النبي صلى الله عليه وسلم”على قناة الناس، وهو برنامج روحي يعرض مقتطفات من الأدعية التي تعين على فهم الدين فهما صحيحا ويهتم برفع الروح الإيمانية، وهناك دروس علمية وروحية ألقيها في مساجد:الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة رضي الله عنهم، ومسجد العشيرة المحمدية، وفيها نشرح فقه الصيام ومسائله ونجيب عن أسئلة الجمهور المتنوعة. وهل الجرعة الدينية التي تقدمها وسائل الإعلام في رمضان كافية؟ نلاحظ حرص كثير من وسائل الإعلام على تقديم الدين الإسلامي وشرح حقائقه بصورة معتدلة، لكن لا تزال المساحة الإعلامية المتاحة للبرامج الدينية غير كافية لتوعية المتلقين، وأستثمر هذه الفرصة لأطالب بضرورة زيادة الجرعة الدينية التي تقدمها الفضائيات وزيادة عدد القنوات الدينية لنشر الوعي الديني والثقافي، شريطة أن ترسخ مظاهر القدوة بين أفراد المجتمع خاصة الشباب، وثقافة الحوار وتسعى إلى تصحيح المفاهيم، لأن ذلك يمثل صمام أمان أساسي للمجتمع. وهل تحتاج إلى تطوير لتحقيق أهدافها؟ لا شك أن مثل هذه الأمور تخضع إلى التطوير المستمر، وهذا الأمر مرجعه إلى المتخصصين والفنيين عبر المجالات المتنوعة حتى نخرج بشكل ومحتوى ثقافي وديني يرتقي بالإنسان المصري، مع مراعاة وجود الإعلامي صاحب الرسالة، وضرورة إبراز القيم والتقاليد المصرية الطيبة، ويمكن الاهتمام بإدخال برامج هادفة للأطفال لتعليم القيم النافعة. وكيف يمكن حماية النشء وتحصينهم من التطرف والانحلال؟ هذه قضية خطيرة، تحتاج إلى تكامل الأدوار بين الأسرة والمجتمع وبين مؤسسات التعليم والثقافة ونشر الوعي، مع إحياء دور القدوة في النفوس، فضلا عن ضرورة تناول أسباب هذه المشكلة، سواء التطرف أو الانحلال بالدراسة والبحث للخروج بنتائج رصينة مبنية على دراسات عميقة ومؤصلة بلغة سهلة وميسرة مع تضمينها في الخطط والاستراتيجيات للمؤسسات المختلفة ونشرها عبر الوسائل المختلفة. وما سلبيات “السوشيال ميديا”؟ أصبحت السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي، عنصرًا مهمًا في الآونة الأخيرة، حيث نجد أن الشعوب خاصة الشباب ذكورًا وإناثًا يعتمدون وبشكل أساسي على هذه الوسائل المتاحة في المعرفة عبر مجالاتها المتنوعة سياسيا واجتماعيا وترفيهيا ودينيا وتعليميا، ولذلك يتم استغلال شيوع هذه الوسائل في عملية التضليل ونشر الشائعات والأكاذيب خاصة التي تلهب المشاعر والعاطفة، وهذا الهاجس ليس مقتصرًا علينا بل المعاناة منه عالمية. وما الخطوات التي تقترحها للحيلولة دون وقوع الشباب فريسة لهذه السلبيات؟ أولى خطوات المحافظة على الشباب من تلك الأخطار، هي استثمار إيجابيات هذه الوسائل من أجل نشر المعرفة الصحيحة والمعلومات الحقيقية، وهذا بلا شك مجهود كبير يستلزم تكاتف جهود المؤسسات والمجتمع، حتى نجنب هذه الأجيال بل والأوطان الأسباب الداعية للتطرف في السلوك وفي الأخلاق وفي الأفكار، ويمكن أن تنشأ مواقع متخصصة في مختلف المجالات توفر المعلومات والإجابات الصحيحة على الأسئلة العامة والخاصة، كذلك يجب نشر القيم الدينية والأخلاقية بين مستخدمي هذه المواقع وعدم وقوعهم في سلبياتها، وعلى أهل الاختصاص وضع برامج تتضمن إرشادات تبين لمستخدم هذه الوسائل كيفية تنظيم الوقت والاستعمال الأمثل لها، حتى يتغلبوا على العجز عن التحكم في ساعات الاستخدام، والذي يصل إلى إدمان ذلك. وكيف تعود منظومة القيم والأخلاق إلى المجتمع؟ القيم لا تموت في المجتمعات لكنها تضعف أو تختزل، والمجتمع المصري واجه في العقود الأخيرة عددا من التحديات المترتبة على غياب أخلاق المجتمع المصري الأصيل، ومن أبرز هذه التحديات، التطرف والعنف والإلحاد والتدين المظهري دون العمل بجوهر الدين، ولعل في استنهاض دور مؤسسات الفكر والثقافة والإعلام والعلماء الراسخين يعيد منظومة القيم والأخلاق كسابق عهدها، وذلك بتجديد الفكر ونشر الثقافة والقيم والعمل على استعادة قيم التربية الصحيحة من خلال الأسرة والمسجد والمدرسة، وتعاون المؤسسات من أجل تحقيق ذلك، بل يستدعي الأمر في بعض الأحيان ضرورة المنع القانوني لأسبابها والترويج لها عبر الوسائل المختلفة، فضلا عن تشديد العقوبة المناسبة مع خطورة النتائج والآثار لبعض الجرائم، والتي هي نتيجة عن غياب القيم والأخلاق. كيف ترى أزمة الفتوى؟ وما آليات القضاء على ظاهرة انفلات وفوضى الفتاوى؟ وهل تقنين الفتوى وحده قادر على مواجهتها؟ أرى أن أزمة الفتوى الحقيقية تكمن في نقل كثير من المتصدرين للفتوى، سواء عبر وسائل الإعلام المتعددة أو في غيرها الأحكام الشرعيَّة المجردة وإسقاطها على واقع مسائل المستفتين دون اعتبار لمناهج الفتوى الصحيحة ومقاصدها والتي يراعى فيها الواقع بعوالمه الخمسة (الأشخاص، والأحداث، والأفكار، والأشياء، والنظم)، فضلا عن تصدر غير المتأهلين، وجمود البعض الآخر على المرتكزات الحركية للجماعات ذات المرجعية الموازية، وهذا كله أفرز التطرف والشذوذ في الأقوال، والاغتراب في الفتاوى، مما أدى إلى تهديد المجتمعات وتسطيح ثوابتها. وهذه الظاهرة الخطيرة تحتاج إلى تكاتف الجميع للقضاء عليها ومعالجة آثارها المدمرة، ومن أهم سبل المواجهة لها هو تقنين الفتوى باعتبار أنه سيصبح هذا القانون بمثابة لائحة ميثاقِ شرفٍ للفتوى تتضمن الأُطُرَ القانونيةَ والإجرائيةَ للتصدِّي لفوضَى الفتاوى، وإصدار ما يلزم من تشريعات تنظم عملية الفتوى، بالتعاون مع أهل الاختصاص خاصة الأزهر الشريف ودار الإفتاء