محافظ الدقهلية يقدم التهنئة للأنبا إكسيوس الأسقف الجديد لأبرشية المنصورة وتوابعها    هانئ مباشر يكتب: ملحمة فى الجامعة!    تراجع الأوقية ببورصة الذهب رغم توقعات سيتي بنك بوصولها ل 3000 دولار    سفارة اليونان بالقاهرة تحتفل بالعيد الوطني وسط حضور دبلوماسي كبير    مواصفات وسعر سيارة إم جي ZS موديل 2024 الجديدة كليًا    أيمن موسى يكتب: بوتين يرسم ملامح «روسيا الجديدة»    باريس سان جيرمان يضرب موعدا ناريا مع دورتموند في نصف نهائي الأبطال    ضربة قوية لتجار المخدرات.. إحباط ترويج 400 طربة حشيش وضبط 4 عناصر إجرامية    محاولة خطف إعلامية شهيرة داخل سيارة.. وقرار قضائي ضد المتهم    المخاطر البيئية وحقوق الإنسان ضمن نقاشات قصور الثقافة بالغربية    جزء خامس ل«المداح».. حمادة هلال يعلن خبرًا سارًا برمضان 2025    بالأسماء.. تعيينات ل 19 رئيسًا لمجالس أقسام علمية بجامعة القاهرة    غادة عبد الرازق: اختياراتى فى الرجالة كانت غلط وكنت سند نفسى ولم أعتمد عليهم    أرتيتا يزيد الشكوك قبل مواجهة بايرن ميونيخ غدا    برلماني عن تدريس المثلية في مدرسة ألمانية بالقاهرة: الغرب يحاول اقتحام المجتمعات    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: مقترح ببيع الفينو بالكيلو.. و11 غطاسًا يواصلون البحث عن جثمان غريق الساحل الشمالي    حجازي يوجه بتشكيل لجنة للتحقيق في ترويج إحدى المدارس الدولية لقيم وأخلاقيات مرفوضة    "بوليتيكو": تكشف عن جمهوري جديد يدعم مبادرة عزل رئيس مجس النواب الأمريكي من منصبه    ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني لجميع المراحل في بني سويف    نوران جوهر تتوج بلقب «بلاك بول» للإسكواش    بالفيديو.. خالد الجندي: الأئمة والعلماء بذلوا مجهودا كبيرًا من أجل الدعوة في رمضان    إحالة 5 من العاملين بوحدة تزمنت الصحية في بني سويف للتحقيق لتغيبهم عن العمل    هانى سرى الدين: نحتاج وضع خطة ترويجية لتحسين المنتج العقاري ليكون قابلًا للتصدير    وزارة النقل العراقية توضح حقيقة فيديو الكلاب الشاردة في مطار بغداد الدولي    لجنة متابعة إجراءات عوامل الأمن والسلامة لحمامات السباحة تزور نادي كفر الشيخ الرياضي    أنشيلوتى: لدى ثقة فى اللاعبين وسنكون الأبطال غدا أمام السيتى    "من 4 إلى 9 سنين".. تعرف على سن التقدم للمدارس اليابانية والشروط الواجب توافرها (تفاصيل)    محافظ دمياط تناقش استعدادات مدينة رأس البر لاستقبال شم النسيم وموسم صيف 2024    روشتة صحية لمواجهة رياح الخماسين غدا.. وهؤلاء ممنوعون من الخروج للشارع    خبير تغذية يحذر من هذه العادات: تزيد الوزن "فيديو"    برلمانية: التصديق على قانون «رعاية المسنين» يؤكد اهتمام الرئيس بكل طوائف المجتمع    إصابة فني تكييف إثر سقوطه من علو بالعجوزة    وزيرة الثقافة تُجدد الثقة في محمد رياض رئيسا للمهرجان القومي للمسرح    بعد ردها على منتقديها.. ريهام حجاج تتصدر مؤشر جوجل    ضبط 7300 عبوة ألعاب نارية في الفيوم    شولتس يعلن اتفاقه مع شي على التنسيق بشأن مؤتمر السلام الخاص بأوكرانيا    فوز العهد اللبناني على النهضة العماني بذهاب نهائي كأس الاتحاد الآسيوي    فانتازي يلا كورة.. دفاع إيفرتون يتسلح بجوديسون بارك في الجولة المزدوجة    انطلاق المعسكر المفتوح لمنتخب 2007.. ومباراتان وديتان أمام ديروط و التليفونات    بعد انتهاء إجازة العيد.. مواعيد غلق المحلات والمطاعم والكافيهات 2024    بعد تحذيرات العاصفة الترابية..دعاء الرياح والعواصف    عالم بالأوقاف: يوضح معني قول الله" كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"؟    الحرية المصري يشيد بدور التحالف الوطني للعمل الأهلي في دعم المواطنين بغزة    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    ناقد رياضي يوضح أسباب هزيمة النادي الأهلى أمام الزمالك في مباراة القمة    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    بعد التحذير الرسمي من المضادات الحيوية.. ما مخاطر «الجائحة الصامتة»؟    بضربة شوية.. مقتل منجد في مشاجرة الجيران بسوهاج    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    ننشر قواعد التقديم للطلاب الجدد في المدارس المصرية اليابانية 2025    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    «لا تتركوا منازلكم».. تحذير ل5 فئات من الخروج خلال ساعات بسبب الطقس السيئ    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب بين الدمج والاندماج
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 05 - 2018

يعانى المجتمع المصرى فراغا سياسيا مشهودا. ملء هذا الفراغ مرهون بحياة حزبية نشيطة، وانتخابات نزيهة. الانتخابات التى جرت فى مصر فى السنوات الخمس الماضية تميزت كما هو مطلوب ديمقراطيا بإبعإد تأثيرات وتدخلات البيروقراطية الى حد كبير. ما زال هناك جزء بسيط بحاجة إلى التخلص منه لاستكمال شروط التحول الديمقراطى. والرهان الأكبر هو وعى المصريين قبل أى شىء آخر. أما الحالة الحزبية نفسها فتتسم بالمفارقات، أبرزها أن الكثرة الحزبية التى تفوق 100 حزب لا تعنى حياة حزبية نشيطة. وأصحاب التوجهات الفكرية الواحدة موزعين على عدة أحزاب، مما يضعف التوجه الفكرى والسياسى من ناحية، ويضعف الأحزاب ذات المضمون الفكرى الواحد من ناحية أخرى. وبوجه عام، الأحزاب فى مصر ليست ذات شعبية بين المواطنين، فالأحزاب الأقدم التى نشأت منذ منتصف السبيعنيات فى القرن الماضى كحزب التجمع اليسارى والحزب الناصرى، أو الأحزاب التاريخية العريقة مثل حزب الوفد الذى يحتفل بمرور مائة عام على إنشائه فى نوفمبر المقبل، تعانى جميعها من البيئة السياسية المقيدة التى عملت فى ظلها لفترة طويلة قبل 2011، وكان من أبرز نتائجها فقدان العمل الحزبى بين الناس. بعد يناير 2011، تبلورت فرصة تاريخية لإعادة هيكلة الأحزاب ومجمل الحياة الحزبية. كان الطموح وما زال أن تكون الأحزاب ذات قاعدة جماهيرية. وفى ظل تعديلات قانون الأحزاب التى صدرت 2011 نشأ عدد ضخم من الأحزاب من جميع الاتجاهات السياسية والفكرية، ولكنها لم تسهم فى تطوير الحياة السياسية على النحو المأمول، والسبب أن غالبية تلك الأحزاب نشأت نشأة اصطناعية وليست طبيعية، وغلب عليها تحركات النخبة من الناشطين السياسيين، وشباب متحمس، وشخصيات انتمت الى الحزب الوطنى المنحل، وبعض رموز ثقافية وعلمية تم استقطابها للعمل الحزبى لغرض الاستفادة من شعبيتها النسبية بين الناس. البحث عن قاعدة جماهيرية جاء فى المرتبة الثالثة أو ربما العاشرة لدى العديد من الأحزاب التى اهتمت أساسا بحل إشكاليات المناصب التنفيذية وقيادات القطاعات المختلفة وتوزيع المسئوليات رغم ان الحزب لم يكن لديه أعضاء.
فى مواجهة هذه الحالة الحزبية الفريدة ونموها السرطانى من حيث العدد، طرح كثيرون أهمية وبل وضرورة أن تندمج الأحزاب المتشابهة فى برامجها وفى أفكارها العامة، وبحيث تتحول الى حزب قوى يعبر عن رؤية وسطية أو يتجه نحو اليسار أو إلى اليمين، وبما يشكل فى النهاية خريطة حزبية متوازنة من حيث العدد ومن حيث التوجهات الفكرية والسياسية. وكان الخيال أن أربعة أو خمسة أحزاب تكفى لتعبر عن الخريطة السياسية والاجتماعية الموجودة فى الحياة الطبيعية، وبحيث تلهب هذه الأحزاب القوية أى منافسة ديمقراطية فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو المحلية. هذا الطموح أو لنقل الخيال لم يكن آتيا من فراغ، بل من تجارب طبيعية لبلدان ومجتمعات أخرى عانت نفس ظروف الانتقال من حالة سياسية مقيدة إلى أخرى منفتحة نسبيا ثم دخلت الطور الديمقراطى وبقوة. ومثال إسبانيا بعد العام 1976 خير حالة عن الاندماج الحزبى الطبيعى المستند إلى وعى جماهيرى.
الاندماج الحزبى بهذا الشكل يُعد تطورا طبيعيا، وليس وضعا استثنائيا، ويقوم على اقتناع الجميع بأن بناء حزب قوى وكبير ومنافس للأحزاب الأخرى هو الطريق الوحيد، وتتجه إليه الأحزاب الصغيرة بغية تحقيق مكاسب برلمانية وسياسية مشروعة كما حددها الدستور. بيد أن هذه الدعوات كانت تجد رفضا من رؤساء وقيادات الأحزاب رغم صغر تلك الأحزاب، خشية من أن يؤدى الاندماج مع حزب أو حزبين آخرين إلى تغيير الهيكل القيادى فيفقد البعض مناصبهم الحزبية الشرفية التى يتباهون بها. هذه الأسباب الشخصية وقفت حائلا أمام تطور الحياة الحزبية وفق منهج التدرج الطبيعى والالتزامات السياسية الواعية. كما أن افتقاد القانون المنظم لانتخابات البرلمان لشرط حصول الحزب على نسبة معينة من إجمالى الأصوات الصحيحة فى الانتخابات البرلمانية فى حدود خمسة إلى عشرة فى المائة، كشرط لضمان عضوية نوابه الفائزين فى دوائرهم المختلفة، جعل من الممكن أن يكون الحزب ممثلا بنائب واحد فقط، وبالتالى لم تعد هناك محفزات قانونية طبيعية تدفع قادة الأحزاب الى الاندماج بغية الحصول على النسبة القانونية التى تتيح للحزب المشاركة فى البرلمان، وبالتالى الحضور النشط فى الحياة السياسية.
بعض قيادات الأحزاب رفض الاندماج الحزبى استنادا الى أن مفهوم الظهير الشعبى الذى يعنى توافر مساحة تأييد عابرة للطبقات والفئات الاجتماعية والتعددية الفكرية بين المواطنين لمجمل أداء النظام السياسى، هو الغالب ولفترة مقبلة أخرى، وبالتالى فليس مطلوبا أن يضحى الحزب، أى حزب، من أجل حزب أكبر وأقوى لن يفعل اكثر مما تفعله دعوة الظهير الشعبى لدعم النظام الجديد بعد 30 يونيو. وحين دعا الرئيس السيسى الأحزاب الى الاندماج من أجل تشكيل أحزاب قوية تشارك فى الانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة، وتكون قادرة على تكوين كوادر يمكنها الترشح للرئاسة بعد أربع سنوات، بعض الاحزاب سارعت بالاستجابة، مثل اندماج حزب مستقبل وطن وله 50 نائبا فى البرلمان، وحركة كلنا معاك من أجل مصر. كما دعا حزب الوفد أحزابا أخرى للتنسيق فيما بينهم إزاء دعوة الاندماج الحزبى. أحزاب اخرى رفضت مناقشة فكرة الاندماج ولو بعد عشر سنوات، مثل حزب الحركة الوطنية المصرية برئاسة الفريق احمد شفيق رئيس الوزراء الاسبق، وحزب حماة وطن ولديه 18 نائبا فى البرلمان، والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى. أما ما يمكن وصفه بأحزاب اليسار مثل التجمع والعربى الناصرى والحزب الاشتراكى المصرى والشيوعى المصرى فقد أيد بعض رموزها فكرة الاندماج ولكن بعد دراسة متأنية. فى المقابل تبدو فكرة تشكيل ائتلافات انتخابية موسمية بين حزبين أو أكثر هى المقبولة بين الجميع، بحيث يظل كل حزب قائما بذاته ولا يفقد وجوده.
ومن الواضح أن تلك التعددية للحزب المفرطة وغير الفاعلة لن تتحول الى تعددية حزبية فعالة إلا من خلال تعديلات قانونية تدفع الأحزاب الى الاندماج الطوعى، فضلا عن تغير الوعى السياسى العام بأن الأحزاب وسيلة مهمة لتمكين الديمقراطية ولا بديل عنها.
لمزيد من مقالات ◀ د. حسن أبوطالب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.