منذ أن أعلن الرئيس باراك أوباما عام 2013 أنه لن يسمح للحكومة السورية باستعمال الأسلحة النووية لأن تلك الممارسات تمثل تخطى الخط الأحمر. فإن ذلك التعبير قد تداول واستقر . وإذا كان الرئيس الأمريكى لم يظهر فى تلك الفترة أى رد فعل أو معارضة ما إزاء هذا التجاوز فإن التعبير نفسه قد تداوله القادة الأمريكيون والفرنسيون والبريطانيون الجدد بأسلوب يتمتع بالمصداقية، حيث إن سوريا قد تعرضت للقذف لأنها استعملت «الكلور». الخط الأحمر إذن، اشارة إلى حد لم يسمح به المجتمع الدولى لأى من أعضائه أن يتجاوزه دون أن يكون هناك رد فعل واضح! يجب أن نعود إلى مصدر هذا التعبير الذى كما أكد جاك آتالى رئيس مؤسسة «الكوكب الايجابي» فى أبحاثه القيمة انطلق من المنطقة نفسها عام 1928 خلال المفاوضات بين الشركات البترولية العالمية عقب انهيار المملكة العثمانية، فبسبب عدم معرفة بوضوح الحدود، فإن الموقعين على الاتفاقية اعتمدوا على خطوط رسمت بالقلم الأحمر على خريطة من قبل أحدهم وكان اسمه «جالوست جيلبنكيان» وتم إطلاق اسم الخط الأحمر على اتفاقيتهم التى لها صلة مؤكدة بالموقف السورى الحالى الذى نتج عن الموقف الجغرافى السياسى للمنطقة ومن الحروب العديدة التى تشهدها منذ ذلك الوقت فى إطار رغبة السيطرة على طبقات البترول الخام والتى تعتبر أحد الحوافز الرئيسية. ويرى خبراء العلاقات الدولية أن مصطلح الخط الأحمر قد استعمل أيضا خلال المفاوضات الخاصة بانشاء الأممالمتحدة وبدلا من استعمال كلمة الحدود انتهجوا معنى أمد أو حد لفرض فى العالم بأجمعه كلمة خط أحمر لا يمكن تجاوزه..هذا التعبير يستعمل فى العالم بأجمعه ماعدا فرنسا، حيث يتم التحدث عموما عن «الخط الأصفر» إلا إذا كان هناك مانع دبلوماسى يفرض فيه أيضا الأحمر! كما أن مذبحة غزة فى رأيى والتى أدت إلى وفاة 100 من الضحايا الأبرياء واصابة ألفى مواطن هى تحد سافر للقانون الدولي، إلى جانب ان قذف التجهيزات الايرانية فى سوريا دون أى تفويض يعتبر تعديا للخط الأحمر. لقد أعرب جان بول ليكوك نائب اليسار الديمقراطى الجمهورى بالجمعية العامة الفرنسية خلال زيارة رئيس البرلمان الاسرائيلى لفرنسا عن استنكاره إزاء تعويق حركة الشعب الفلسطينى داخل قطاع غزة، وقال إذا كنت مواطنا من غزة كان سوف ينتابنى شعور واحتياج ملح بأن أكون مع كل الذين يواجهون بشجاعة الجنود الإسرائيليين لأن كرامتى كرجل كانت سوف تدفعنى نحو هذه الحدود.. واستطرد النائب البرلمانى الفرنسى بلباقة تستحق مشاعر العرفان والإعجاب إن حصار غزة مازال مستمرا وأنتم تشرحون لنا أن الاسرائيليين هم وحدهم الذين يمدون غزة بالسلع! إن الخط الأحمر قد تم تجاوزه أيضا عندما تعرضت أقلية «الروهينجا» ببورما للمذابح؟ أو عندما يتم ممارسة الضغوط على الصحفيين والمعارضين.. ومازلت أتساءل ويتساءل حتى الآن المجتمع الإعلامى عن الغموض المحاط بالزميل الصحفى رضا هلال والذى اختفى فجأة منذ سنوات تاركا وراءه رصيدا صحفيا ومهنيا وانسانيا رغم صغر سنه وإنما يقال «إن القيمة لا تنتظر عدد السنوات»! ألا يستطيع المجتمع الدولى أن يعلن قادة هذه الدول انهم إذا لم يتوقفوا عن تلك التصرفات الهمجية واغتصاب حقوق الإنسان فسوف يتدخل بقوة مماثلة مثلما فعلت الولاياتالمتحدة وانجلترا وفرنسا فى سوريا؟ إلا إذا كان الخط الأحمر لا يعنى إلا التعبير عن تهديد بالاعتداء الخارجي، وهذا لا ينطبق على الوضع فى سوريا. فهل من الممكن تحديد بوضوح ما يستحق أن يعتبر خطا أحمر من قبل الديمقراطيات؟. لمزيد من مقالات عائشة عبدالغفار