مغامرون، يقامرون بعضويتهم فى مجلس النواب، أو لا يعنيهم بقاؤهم فى المجلس من عدمه، أو يضمنون أو يراهنون على رفض ثلثى الأعضاء إسقاط عضويتهم. وبغير تلك الاحتمالات لا يمكنك تفسير قيام أو اعتزام أعضاء بمجلس النواب الانتقال من حزب إلى آخر، أو قيام أو اعتزام أعضاء مستقلين الانضمام إلى حزب قائم أو ينتوون تشكيل حزب جديد، فى وجود المادة السادسة من القانون رقم 46 لسنة 2014، قانون مجلس النواب. المادة التى عنوانها «وجوب استمرار الصفة الانتخابية» تقول بوضوح: «يُشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظاً بالصفة التى تم انتخابه على أساسها، وإن فقد هذه الصفة أو غيّر انتماءه الحزبى المنتخَب على أساسه أو أصبح مستقلاً، أو صار المستقل حزبياً، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس. وفى جميع الأحوال لا تسقط عضوية المرأة إلا إذا غيرت انتماءها الحزبى أو المستقل الذى انتخبت على أساسه». وقبل أن تستفسر أو تتحسر على العبارة (الفقرة) الأخيرة، أقول لك إننى نقلتها بالنص من الجريدة الرسمية: الصفحة رقم 41 من العدد 23 (تابع) الصادر فى 5 يونيو سنة 2014. وبغض النظر عن غرابة تلك العبارة ومخالفتها للدستور، فإن المادة كلها، لامنطقية، وتخالف أبسط بديهيات العمل السياسي: الاستقالة من حزب للانضمام إلى آخر أو لتأسيس حزب جديد. والأكثر من ذلك هو أنها قد تتسبب، مستقبلًا، فى كوارث لو تمكن أحد الأحزاب (لا قدر الله) من الفوز بثلثى عدد المقاعد، الأمر الذى سيتيح له أن يمنع عن الأحزاب الأخرى المنافسة، ما يمنحه لنفسه أو للأحزاب المتحالفة معه. أى أن يسمح للمستقلين وأعضاء الأحزاب الأخرى بالتحرك أو الانتقال فى اتجاه واحد، ويمنع حدوث العكس. نحتاج، بالطبع، أحزابًا قوية، ولن يحدث ذلك إلا باندماج الأحزاب التى يصعب حصرها فى حزبين أو ثلاثة أو خمسة على الأكثر. وغير الأحزاب القائمة، فقد أعلن قياديون بائتلاف «دعم مصر» أنهم بدأوا فى إجراءات تأسيس حزب سياسى يضم نواب الائتلاف، وكان بين من أعلنوا ذلك المتحدث باسم الائتلاف، وزعيم كتلته البرلمانية، ورئيس مجلس النواب نفسه، الذى خاض الانتخابات البرلمانية على قائمته. وطبعًا، سنكون أمام معضلة أو «معجنة» دستورية وقانونية، لو حدث ذلك، لأن أعضاء الائتلاف، فى تلك الحالة، لو انضموا إلى الحزب الجديد سيفقدون صفقتهم التى ترشحوا على أساسها، مع ملاحظة أن الائتلاف يضم مستقلين وأعضاء بأحزاب مختلفة. الحل الأسهل، فى تصورك، قد يكون فى تعديل أو إسقاط المادة السادسة من قانون مجلس النواب، السابق ذكرها، بدلًا من أن يشغلنا المجلس ويشغل أعضاءه، ويوجع أدمغتنا وأدمغتهم، بالتصويت على إسقاط عضوية نواب كثيرين شهدنا انتقال بعضهم، منذ أيام، إلى حزب «مستقبل وطن». وسنشهد قريبًا، قريبًا جدًا، انتقال أو نزوح آخرين إلى أحزاب قائمة أو أخرى سيتم تأسيسها. غير أن هذا الحل ليس سهلًا بالمرة لأنه يصطدم بالمادة 110 من الدستور، دستور 2014، التى نصت على إسقاط عضوية النائب «إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التى انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها.. إلخ». التجاهل أو الطناش، قد يكون حلًا مثاليًا، فى رأى البعض، إذ إن المادة 387 من لائحة مجلس النواب، اشترطت أن يتلقى رئيس المجلس طلبًا كتابيًا موقعًا من ثلث الأعضاء على الأقل ومعنى ذلك، هو أن حال عدم تقديم ثلث أعضاء المجلس طلبا، سيمر تغيير النائب لصفته الانتخابية مرور أكثر الناس كرمًا. غير أن الحل المؤقت، قد يجعل البرلمان نفسه فاقدًا للثقة والاعتبار، بتكرار انتهاكه للدستور، وبتجاهله تغيير غالبية أعضائه لصفاتهم الانتخابية، الأمر الذى قد يستوجب حله، وإعادة انتخاب الأعضاء من جديد بصفاتهم الانتخابية الجديدة. وعليه، يكون الحل الأنسب هو تعديل الدستور، ثم إسقاط المادة السادسة من قانون مجلس النواب أو تعديلها. ونشير إلى أنه تردد، منتصف أبريل الماضي، أن ائتلاف دعم مصر، سيتقدم بمشروع تعديل المادة 110 من الدستور، غير أننا لم نسمع، إلى الآن، عن خطوات جدية أو فعليه تم اتخاذها. قد تقول إن الرئيس عبدالفتاح السيسى سبق أن أعلن رفضه تعديل الدستور، وأكد التزامه بكل مواده وبنوده. وطبعًا كلام الرئيس على عيننا ورأسنا لكنه لن يمنعنا من التأكيد على أنه مجرد رأى شخصي وأن نصفه الأول يخاصم نصفه الثانى لأن المادة 226 من دستور 2014، الذى أكد الرئيس التزامه بكل مواده وبنوده، منحت مجلس النواب حق طلب تعديل مادة أو أكثر. بل إن المادة 161 من الدستور نفسه، أجازت للمجلس اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة!. لمزيد من مقالات ماجد حبتة