لم يكن صلاح النقيب زميلنا الذى وافته المنية يوم الثلاثاء الماضى مجرد صحفى فى الأهرام، فتكوينه الشخصى والنفسى والمهنى جعله مجموعة متكاملة من الصحفيين الذين قلما نجدهم فى زمننا هذا. عرفت صلاح النقيب الذى استقبلنى بقلب وذراعين مفتوحتين عند انضمامى لقسم الشئون العربية، إنسانا قرويا بطيبة قلبه ونقاء سريرته وحلو كلامه، فلسانه لم يغتب أحدا وكان نصيرا لكل زملائه حتى الذين يتهربون من أداء واجبهم فى العمل. فقد منحه المولى عز وجل قوة خارقة على تحمل العمل، فيقوم بتعويض غياب من غاب ومن آثر شرب الشاى والقهوة وكان هؤلاء كثر بالمناسبة رغم نيلهم مناصب قيادية فى أوقات لاحقة، ليستمر صلاح النقيب صحفيا بالفطرة قبل شهادته فى الإعلام، حيث تربى فى بيت صحفى إذ كان عمه الصحفى الكبير بأخبار اليوم إسماعيل النقيب. اشتهر صلاح النقيب فى وسط الأهرام بلهجته الشرقاوية الجميلة، بتعطيش الجيم واحتفظ لنفسه ببعض المفردات من لغة قريته التى لم يغيرها حتى رحيله بعد رحلة مرض مضنية نالت من بصره وجسده الضعيف ليلقى ربه نقيا جميلا ومحبوبا من الجميع. استمر النقيب فى قسم الشئون العربية محررا كبيرا ومعلما قديرا، ولم تغره الترقيات التى لا تضيف للصحفى قيمة أو موهبة بل مجرد درجة وظيفية لم تشغل باله أبدا، فكان يملك أدواته بمهارة جعلته قبلة لنا جميعا عندما نستفسر عن معلومة أو تاريخ أو خبر نستعلم منه هل سبق نشره أم لا..فكان المرجعية الصادقة، ليستمر هكذا وكل ما حوله يصعد الى مناصب جديدة ربما لا يستحقونها، وهو صابر فى موقعه كصبر أيوب، حتى تولى قبل سنوات رئاسة قسم الشئون العربية فى فترة صعبة ارتبطت بفوضى 25 يناير 2011..ولكنه لم يترك موقعه إلا فى حركة تنقلات أخيرة ليكون عضوا بالدسك المركزى للصفحات المتخصصة وهى مكانة مرموقة لا يستحقها سوى من هم أمثال النقيب الذى ظل يعمل ويقرأ حتى آخر يوم عمل له قبل أن تدهمه آلامه الأخيرة.. اللهم ارحم النقيب واغفر له وضاعف حسناته وأسكنه فسيح جناتك ياعلى ياقدير. لمزيد من مقالات محمد أمين المصري